كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 9)

وأخرج النسائي (¬1) أيضًا [5أ] من حديث ثوبان قال: جاءت هند بنت هبيرة إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وفي يدها فتخ من ذهب - أي: خواتم ضخام - فجعل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يضرب يدها، فدخلت على فاطمة - رضي الله عنها - تشكو إليها، فانتزعت فاطمة سلسلة في عنقها من ذهب، فقالت: هذه أهداها أبو حسن، فدخل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - والسلسلة في يدها، فقال: " يا فاطمة أيسرك أن يقول الناس: ابنة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - في يدها سلسلة من نار؟ " ثم خرج فلم يقعد، فأرسلت فاطمة بالسلسلة فباعتها، واشترت بثمنها عبدًا فأعتقته، فحدث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بذلك فقال: " الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار ".
وأخرج أبو داود (¬2)، والنسائي (¬3) من حديث أخت حذيفة قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " يا معشر النساء، ما لكن في الفضة ما تحلين به، ليس منكن امرأة تتحلى ذهبًا تظهره إلا عذبت به " وهذا الحديث قد قدمنا ذكره في أول هذه الورقات، وذكرنا أن في إسناده امرأة مجهولة، وذكرنا ما قيل فيه من النسخ والتأويل، وهكذا يقال في الحديثين المذكورين قبله.
فإن قلت: هذه أربعة أحاديث مصرحة بتحريم حلية الذهب على النساء، منها حديث أسماء بنت يزيد الذي ذكره المقبلي (¬4)، وذكرناه في أول هذا البحث، ومنها حديث أبي هريرة المذكور قريبًا، ومنها حديث ثوبان المذكور بعده، ومنها حديث أخت حذيفة، فكيف جعلتها [5ب] منسوخة أو مرجوحة؟
¬_________
(¬1) في " السنن " (8/ 158 رقم 5140) وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(¬2) في " السنن " (4237).
(¬3) في " السنن " (8/ 157 رقم 5138). وهو حديث ضعيف.
(¬4) في " المنار " (2/ 263).

الصفحة 4277