كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 9)

الرازقين} (¬1)
ومن ذلك سؤال حسنة الدنيا، كما في قوله عز وجل: {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب} (¬2)، وقوله عز وجل: {وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب} (¬3)، وقوله: {وارزقنا وأنت خير الرازقين} (¬4).
والحاصل أن طلب الرزق كان من غالب العباد والأنبياء والعلماء والزاهدين، بل لو قال قائل: إنهم كلهم طالبون رزق الله عز وجل، لم يكن بعيدًا، فإنهم سائلون من الله عز وجل نزول الأمطار، وصلاح الثمار، والبركة في الأرزاق، وهذا هو من طلب الرزق، وهو كائن من جميع بني آدم، والمتورع منهم يقيد سؤاله بأن يكون ذلك من وجه حلال [1ب].
والدعاء هو من جملة السعي في تحصيل الرزق، وكذلك جميع الأسباب المحصلة له، على اختلاف أنواعها، وتباين طرقها، ومن أنكر هذا فقد أنكر ما هو معلوم لكل فرد من أفراد بني آدم. انظر ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، في أيام النبوة، فإن لكل واحد منهم متعلق بسبب من أسباب الرزق، كائنًا من كان، ومن عجز عن ذلك قبل ما يصل إليه كأهل الصفة (¬5)، فإن وقوفهم فيها من طلب الرزق. وهكذا، بعد أيام النبوة،
¬_________
(¬1) [المائدة: 114].
(¬2) [البقرة: 201 - 202].
(¬3) [الصف: 13].
(¬4) [المائدة: 114].
(¬5) الصفة: هم فقراء المهاجرين، ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه.
" النهاية " (3/ 37).

الصفحة 4666