كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 9)

المتهم له حكم يقابله، فإذا كان الحكم مع غير المتهم هو الأخذ بالقيمة كان الحكم مع المتهم هو الأخذ بغير قيمة، والذي جعلناه مقيدًا لإطلاق الرواية التي في حديث سمرة هو مفهوم حديث أسيد لا منطوقه. وقد صرحت بهذا تصريحًا في غاية الوضوح في الجواب فقلت ما لفظه: ووجه عدم المعارضة أن لفظ رجل هاهنا مطلق، والرواية الأولى تقيده، لأن فيها التفصيل بين المبهم وغيره، وذكر حكم الموجود من السرقة في يد أحدهما منطوقًا، وحكم الموجود في يد الآخر مفهومًا، فيحمل هذا المطلق على المقيد، ويكون هذا الرجل هو المتهم انتهى.
فلو فرضنا التردد في الإشارة في قولي: فيحمل هذا المطلق على ذلك المقيد، هل يعود إلى المنطوق أو المفهوم؟ لكان قولي بعد ذلك: ويكون هذا الرجل هو المتهم رافعًا لذلك التردد رفعًا لا يبقى عنده شك ولا ريب [2ب]. هذا مع أن أهل الأصول قد صرحوا بأنه كما يكون التقييد بما يتضمنه المقيد من الحكم يكون أيضًا بنقيض ذلك الحكم كما قالوا في مثل: اعتق عني رقبة مع لا تملكني رقبة كافرة، قالوا: فإنه يجب تقييد المطلق حينئذ بضد قيد المقيد، وهو الإيمان.
فلو أردنا أن المقيد هو الحكم المذكور في حديث أسيد منطوقًا لكان المعلوم أن التقييد المراد منه هو تقييد حديث سمرة باعتبار تلك الرواية المصرحة بالسرقة بضد الحكم المذكور فيه، وهو لا يخالف الرواية التي في حديث سمرة فلم يختلف الحكم. هذا على التسليم والتنزيل، وإلا فقد صرحنا بالمقيد تصريحًا لا يشك فيه.
وأما إذا كان ما في الحديثين يؤدي معنى ما ذكرنا من المثال ويتضمنه فالمناقشات التي أوردها - كثر الله فوائده - مندفعة، وبيانه أن قوله في صدر البحث ما نصه: الأول: حمل المطلق على المقيد لا يتم إلا فيما اتحد حكمهما (¬1) ... إلخ.
يجاب عنه بالقول بموجبه، فإن كان هذا الكلام مناقشة لما أجبت به في تقرير
¬_________
(¬1) تقدم توضيحه في بداية الرسالة.

الصفحة 4729