كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 9)

بذلك الضد وما نحن فيه.
قال (¬1) - كثر الله فوائده -: الثاني: أن حمل المطلق على المقيد فيه جمع بين الدليلين ... إلخ.
أقول: نحن نقول بموجب هذا. قولكم: وهذا الذي ذكره المجيب ليس فيه إلا أن المقيد بقي على حالته، والمطلق حمل على ضد المقيد.
قلنا: ممنوع والسند أن المطلق حمل على عين المقيد، وهو المستفاد من مفهوم الشرط سلمنا أن المقيد هو المذكور صريحًا، والمطلق حمله على ضده، فكان ماذا؟ وأي بأس في مثل هذا؟ فإن حمل المطلق على ضد المقيد إذا أفاد تقليلاً [4أ] لشيوعه وانتشاره كان صحيحًا. وقولكم: فإن المقيد هو الرجل غير المتهم لا المتهم.
قلنا: هذا ممنوع، فنحن نطالبكم بالدليل على هذا الجزم، فإن كان الدليل شيئًا وجدتموه في جوابي فما هو؟ فإني أقول: إني قد صرحت فيه بما يفيد ضد هذا الجزم كما سبق، وإن كان الدليل على هذا الجزم شيئًا آخر فما هو، وأين هو؟ على أنه لو وجد ما يفيد هذا لم يكن فيه ما يقتضي الاعتراض، فالتقييد بنقيض الحكم كالتقييد بعينه، والتخصيص كذلك، فما معنى قولكم، وهذا شيء غير حمل المطلق على المقيد؟ فإن هذا شفيع دعوى ممنوعة بدعوى ممنوعة، وضم ما هو شبيه بالمصادرة إلى ما هو شبيه بالمصادرة.
قال - كثر الله فوائده -: وخلاصته إلى قوله: وهذا أشبه شيء بتخصيص العام.
أقول: هذا تقول بموجبه، فحمل المطلق على المقيد أشبه شيء بتخصيص العام، ولا فرق بينهما إلا مجرد كون العام شموليًا (¬2)، والمطلق بدليًا، وليس المطلوب من الحمل في
¬_________
(¬1) أي السائل.
(¬2) قال الشوكاني في " إرشاد الفحول " (ص397): اعلم أن العام عمومه شمولي وعموم المطلق بدلي، وبهذا يتضح الفرق بينهما، فمن أطلق على المطلق اسم العموم فهو باعتبار أن موارده غير منحصرة فصح إطلاق اسم العموم عليه من هذه الحيثية. والفرق بين عموم الشمول وعموم البدل أن عموم الشمول كلي يحكم فيه على كل فرد فرد، وعموم البدل كلي من حيث إنه لا يمنع تصور مفهومه من وقوع الشركة فيه، ولكن لا يحكم فيه على كل فرد فرد، بل على فرد شائع في أفراده يتناولها على سبيل البدل ولا يتناول أكثر من واحد منها دفعة.
انظر: " تيسير التحرير " (1/ 194 - 195).

الصفحة 4732