كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 10)

وأما هؤلاء فقد عقدت لهم الذمة، وسلموا الجزية، فيكف يجوز أن نقيس المحاربين على المعاهدين في شيئين بينهما بون بعيد!.
قال: الدليل التاسع: حديث: "نزلوا الناس منازلهم" (¬1) وأدلة الكتاب والسنة والإجماع قاضية بأن منزلة المسلم أرفع من منزلة الكافر، فينبغي أن يعطى المسلم من المكاسب ما يليق بدرجته العلية، ويعطى الكفار ما يليق بمرتبته الدنية إلخ.
أقول: إن كان الأمر هنا للندب فالقصد منه الإرشاد، وإن كان المراد الوجوب فهو عام، وقد خصصته السنة بأحكام أهل الذمة، وتبيين منازلهم، وما سنه فيهم، ونحن نقول بموجب ذلك، ونقول: قد أقرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ومن بعده على أمور معروفة، وأخذوا منازلهم، فنحن حاذون حذوهم.
وقد يقال: إن من تعاطى الحرف الدنية من المسلمين فتلك منزلته، إذ لا يتعاطى ذلك إلا أراذل الناس وسفهاؤهم، وبالحكم الضروري والخبر النبوي أن في الناس رؤوسا وأذنابا فقد أعطي كل منزلته.
قال: الدليل العاشر: أخرج. . . (¬2) البخاري (¬3) ومسلم (¬4) والترمذي (¬5) والنسائي (¬6) عن أنس مرفوعا: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" إلخ الحديث.
ليس على ظاهره لأنه إما أن يراد: لا يؤمن الإيمان الكامل، وذلك لا يضر، إذ الإيمان الكامل عزيز، والإيمان يزيد وينقص ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم، وعن الحسن أن رجالا سأله أمؤمن أنت؟ قال: الإيمان إيمانان، فإن كنت تسأل عن الإيمان بالله وملائكته
¬_________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) كلمة غير مقروءة.
(¬3) في صحيحه رقم (13).
(¬4) في صحيحه رقم (45).
(¬5) في السنن رقم (2515) وقال: هذا حديث صحيح.
(¬6) في السنن رقم (8/ 114 - 115رقم5013).

الصفحة 5089