كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 10)

يفيد الاختصاص بصور الحيوانات قوله في حديث ابن عمر المتقدم: "أحيوا ما خلقتم"؛ فإن التحدي بالإحياء، وتكليف المصورين بنفخ الأرواح في الأجسام التي صوروها لا يكون إلا إذا كانت الأجسام المصورة حيوانية لا جمادية.
ومثل ذلك ما تقدم في حديث ابن عباس (¬1) الآخر بلفظ: "من صور صورة عذبه الله بها يوم القيامة حتى ينفخ فيها الروح، وما هو بنافخ".
المسألة الرابعة: قال - كثر الله فوائده -: وهل ذلك مما يجب فيه الإنكار أم لا؟.
أقول: قد تقرر بأدلة الكتاب العزيز (¬2)، والسنة المطهرة (¬3) أن إنكار المنكر من أوجب
¬_________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) (منها): قوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} [آل عمران: 104].
ومنها قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرًا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون} [آل عمران: 110].
ومن الآيات التي تدل على خطورة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قوله تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} [المائدة: 78 - 79]
(¬3) أخرج مسلم في صحيحه رقم (49) والترمذي رقم (2172) وابن ماجه رقم (1275، 4013) والنسائي (8/ 11، 112).
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان". وهو حديث صحيح.
وأخرج أبو داود رقم (4336) والترمذي رقم (3047) وابن ماجه رقم (4006) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه وفيه: " ... والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرًا".
وهو حديث حسن بشواهده.

الصفحة 5194