كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 10)

إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فقال لعائشة: "أتعرفين هذه؟ " قالت: لا يا نبي الله، فقال: "هذه قينة بني فلان، أتحبين أن تغنيك؟ قالت: نعم، فغنتها".
وأخرج ابن ماجه (¬1) بسند رجاله ثقات عن أنس أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مر في أزقة بعض المدينة بجوار من بني النجار يضربن بدفوفهن ويقلن:
نحن جوار من بني النجار ... يا حبذا محمد من جار
فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "الله يعلم أني لأحبكن".
وأخرج أبو داود (¬2) والترمذي (¬3) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لما رجع من بعض مغازيه جاءته امرأة فقالت: يا نبي الله، إن نذرت إن ردك الله سالما [6] أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال: "أوف بنذرك" قال الترمذي (¬4) هذا حديث حسن صحيح، ورواه ابن حبان في صحيحه (¬5)، وفيه فقعد عليه السلام، وضربت الدف.
وفي بعض الروايات (¬6) أنها غنت بقولها:
¬_________
(¬1) في "السنن" رقم (1899) وهو حديث صحيح.
(¬2) في "السنن" رقم (3312) بإسناد حسن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(¬3) في "السنن" رقم (3690) من حديث بريدة. وهو حديث صحيح انفرد به الترمذي.
(¬4) في "السنن" رقم (5/ 621) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث بريدة.
(¬5) في صحيحه رقم (10/ 232 رقم 4386). وهو حديث صحيح.
قال الخطابي في "معالم السنن" (4/ 382) مع مختصر السنن: ضرب الدف ليس مما يعد في باب الطاعات التي يتعلق بها النذور وأحسن حاله أن يكون من باب المباح، غير أنه لما اتصل بإظهار الفرح بسلامة مقدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قدم المدينة من بعض غزواته وكانت فيه مساءة الكفار وإرغام المنافقين صار فعله كبعض القرب من نوافل الطاعات ولهذا أبيح ضرب الدف".
قال الألباني في "تحريم آلات الطرب" (ص 125): ففيه إشارة قوية إلى أن القصة خاصة بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهي حادثة عين لا عموم لها كما يقول الفقهاء في مثيلاتها، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(¬6) وقال الألباني "وهذه زيادة باطلة هنا، وضعيفة في قصة قدومه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة، وإسنادها معضل، وليس فيها بيان هل كان قدومه من تبوك كما ساقها ابن القيم في "مسألة السماع" (ص 265 - 266).
انظر: "الصحيحة" (5/ 331) و"الضعيفة" (2/ 63).

الصفحة 5230