كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 10)
بجوازه أحد، وأن من قال بإباحة المفردات لم يقل بإباحتها مجتمعة. فقد رد ذلك عليه جماعة من المحققين كالتاج السبكي وغيره.
وقال الأدفوي: نظرت في نحو مائة مصنف، لم أجد ما ذكره لأحد، وأطال الكلام معه. وقد احتج المحرمون للغناء بأدلة منها قوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} (¬1) وفي الآية الوعيد على ذلك، ولا يكون إلا على حرام.
ولهو الحديث. قال ابن مسعود: هو الغناء، وأشباهه، وأجيب (¬2) عن ذلك بأن ذلك فيمن فعله ليضل عن سبيل الله، كما يشهد لذلك السبب، وقد سمى الله الحياة الدنيا لعبًا ولهوًا فقال: {إنما الحياة الدنيا لعب ولهو} (¬3)؛ فلو كان اللهو محرمًا لكان جميع ما في الدنيا كذلك.
وأخرج الفريابي (¬4)، وعبد [بن] حميد (¬5) عن محمد بن الحنفية قال في قوله تعالى:
¬_________
(¬1) [لقمان: 6]. أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (10/ 223) وابن أبي شيبة (6/ 309) والحاكم (2/ 411) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي وقال: حميد هو ابن زياد صالح الحديث.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (11\ جـ 21/ 61)، وابن كثير في تفسيره (6/ 331) وهو أثر صحيح.
(¬2) قال الواحدي في تفسيره "الوسيط" (3/ 441): "أكثر المفسرين على أن المراد بـ {لهو الحديث} الغناء، قال أهل المعاني ويدخل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن، وإن كان اللفظ ورد بـ (الاشتراء) لأن هذا اللفظ يذكر بالاستبدال والاختيار كثيرًا.
(¬3) [محمد: 36]
(¬4) عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 283)، وابن كثير في تفسيره (6/ 130).
وأخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (11/ 48) عن مجاهد في قوله: {والذين لا يشهدون الزور} قال: لا يسمعون الغناء.
ثم قال: وأصل الزور تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته، حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه أنه خلاف ما هو به، والشرك قد يدخل في ذلك، لأنه محسن لأهله، حتى قد ظنوا أنه حق، وهو باطل ويدخل فيه الغناء لأنه أيضًا مما يحسنه ترجيع الصوت، حتى يستحل سامعه سماعه، والكذب يدخل فيه لتحسين صاحبه إياه، حتى يظن صاحبه أنه الحق، فكل ذلك مما يدخل في معنى الزور ... ".
(¬5) عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 283)، وابن كثير في تفسيره (6/ 130).
وأخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (11/ 48) عن مجاهد في قوله: {والذين لا يشهدون الزور} قال: لا يسمعون الغناء.
ثم قال: وأصل الزور تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته، حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه أنه خلاف ما هو به، والشرك قد يدخل في ذلك، لأنه محسن لأهله، حتى قد ظنوا أنه حق، وهو باطل ويدخل فيه الغناء لأنه أيضًا مما يحسنه ترجيع الصوت، حتى يستحل سامعه سماعه، والكذب يدخل فيه لتحسين صاحبه إياه، حتى يظن صاحبه أنه الحق، فكل ذلك مما يدخل في معنى الزور ... ".