كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 10)
فيعرضون عنهم.
الثاني: أن اليهود أسلموا فكانوا إذا سمعوا ما غيره اليهود وبدلوا من بعث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وصفته أعرضوا عنه، وذكروا الحق.
الثالث: أنهم المسلمون إذا سمعوا الباطل لم يلتفتوا إليه.
الرابع: أنهم ناس من أهل الكتاب لم يكونوا يهود ولا نصارى، وكانوا على دين الله كانوا ينتظرون بعث محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فلما سمعوا به بمكة فعرض عليهم القرآن [9] فأسلموا، وكان الكفار من قريش يقولون لهم: أف لكم اتبعتم غلامًا كرهه قومه، وهم أعلم به منكم، وهذا الأخير قاله ابن العربي في أحكامه (¬1).
وليت شعري كيف يقوم الدليل من هذه الآية على تحريم الملاهي! واستدل بقوله تعالى: {فماذا بعد الحق إلا الضلال} (¬2) وهذا لا صراحة فيه كما تقدم.
واستدل أيضًا بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "كل لهو يلهو به المؤمن هو باطل إلا ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه عن قوسه" (¬3).
¬_________
(¬1) (3/ 1482).
قال ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (11\ جـ 20/ 90 - 91): يقول تعالى ذكره وإذا سمع هؤلاء القوم الذين آتيناهم الكتاب: اللغو، وهو الباطل من القول ..
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد، عن قتادة: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} لا يجارون أهل الجهل والباطل في باطلهم، آتاهم من أمر الله ما وقذهم عن ذلك.
وبما أن السماع لغو .. وباطل .. فهو محرم.
(¬2) [يونس: 32].
انظر: "مجموع الفتاوى" (11/ 631 - 632) وقد تقدم توضيح ذلك.
(¬3) أخرجه أحمد (4/ 144) والترمذي رقم (1637) وابن ماجه رقم (2811) وابن أبي شيبة في مصنفه (9/ 22) وهو حديث ضعيف.
ولكن هناك حديث حسن أخرجه الترمذي رقم (2322) وابن ماجه رقم (4112) والبيهقي في "شعب الإيمان" رقم (1708).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله، وما والاه، وعالمًا ومتعلمًا".
وأخرج الطبراني كما في "المجمع" (10/ 222): عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله ". وهو حديث حسن.