كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 11)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله الأطهرين.
اعلم أنه قد طال الكلام من أهل العلم على ما يظهر في بادئ الرأي من التعارض بين هذه الآيات الشريفة، وهي قوله - عز وجل -: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} (¬1)، وقوله: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ} (¬2)، وقوله: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (¬3)، وقوله: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (¬4). فقد قيل إنها معارضة لقوله عز وجل: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (¬5) وقوله - سبحانه -: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} (¬6) وقوله - سبحانه -: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} (¬7) فذهب الجمهور (¬8) إلى أن العمر لا يزيد ولا ينقص استدلالا بالآيات المتقدمة، وبالأحاديث الصحيحة كحديث ابن مسعود عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا، ويؤمر بأربع كلمات ويقال له: اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد".
¬_________
(¬1) [المنافقون: 11].
(¬2) [نوح: 4].
(¬3) [النحل: 61].
(¬4) [آل عمران: 145].
(¬5) [الرعد: 39].
(¬6) [فاطر: 11].
(¬7) [الأنعام: 2].
(¬8) [انظر "المحرر الوجيز" (7/ 51).

الصفحة 5319