كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 11)

وأجابوا عن قوله - سبحانه -: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} (¬1). بأن المراد بالأجل الأول النوم، والثاني الوفاة (¬2). وقيل (¬3): الأول: ما قد انقضى من عمر كل أحد، والثاني: ما بقي من عمر كل أحد. وقيل (¬4) الأول أجل الموت، والثاني أجل الحياة في الآخرة. وقيل (¬5): المراد بالأول ما بين خلق الإنسان إلى موته، والثاني: ما بين موته إلى بعثه، وقيل غير ذلك مما فيه مخالفة للنظم القرآني.
وقال جمع من أهل العلم: إن العمر يزيد وينقص، واستدلوا بالآيات المتقدمة. فإن المحو والإثبات عامان يتناولان العمر والرزق والسعادة والشقاوة وغير ذلك.
وقد ثبت عن جماعة من السلف من الصحابة ومن بعدهم أنهم كانوا يقولون في أدعيتهم: اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيهم، وإن كنت كتبتني في أهل الشقاوة فامحني، وأثبتني في أهل السعادة (¬6). ولم يأت القائلون بمنع زيادة العمر ونقصانه ونحو ذلك بما يخصص هذا العموم. وهكذا يدل على هذا المعنى الآية الثانية. فإن معناها
¬_________
(¬1) [الأنعام:2].
(¬2) انظر "الجامع لأحكام القرآن " (6/ 387).
(¬3) انظر هذه الأقوال في "التفسير الكبير للرازي " (12/ 153).
(¬4) انظر "الجامع لأحكام القرآن " (6/ 389).
(¬5) قال الألوسي في "روح المعاني " (7/ 88): ذهب بعضهم إلى أن الأجل الأول ما بين الخلق والموت، والثاني ما بين الموت والبعث وروي ذلك عن الحسن، وابن المسيب وقتادة والضحاك واختاره الزجاج.
(¬6) انظره في "الكافي الشافي" (ص139).

الصفحة 5324