كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 11)

وسلم - في الصحيح (¬1) أنه قال: "اللهم إني أعوذ بك من سوء القضاء، ودرك الشفاء، وجهد البلاء، وشماتة الأعداء"، وثبت في حديث قنوت الوتر أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: "وقني شر ما قضيت" (¬2) فلو كان الدعاء لا يفيد شيئا، وأنه ليس للإنسان إلا ما قد سبق في القضاء الأزلي، لكان أمره - عز وجل - بالدعاء لغوا لا فائدة فيه (¬3)، وكذلك وعدة بالإجابة للعباد الداعين له. وهكذا يكون ما ثبت في الأحاديث المتواترة المشتملة على الأمر بالدعاء، وأنه عبادة لغوا لا فائدة فيه. وهكذا
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6347) ومسلم رقم (53/ 2707) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتعوذ من: "سوء القضاء ومن درك الشفاء ومن شماتة الأعداء وجهد البلاء".
(¬2) أخرجه أبو داود رقم (1425، 1426) والترمذي رقم (464) وابن ماجه رقم (1178) من حديث الحسين بن علي رضي الله عنه.
(¬3) قال الشوكاني في "قطر الولي" (ص514): لو كان القضاء السابق حتما لا يتحول فأي فائدة في استعاذته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من سوء القضاء.
* وهذا مخالف لما ذهب إليه المحققون من أهل العلم حيث قال الحافظ في "الفتح" (11/ 500): " ... أن الذي سبق في علم الله لا يتغير ولا يتبدل، وأن الذي يجوز عليه التغيير والتبديل ما يبدو للناس من عمل العامل ولا يبعد أن يتعلق ذلك بما في علم الحفظة والموكلين بالآدمي فيقع فيه المحو والإثبات كالزيادة في العمر والنقص وأما ما في علم الله فلا محو فيه ولا إثبات والعلم عند الله".
وانظر: "مجموع الفتاوى" (14/ 492) و"شرح صحيح مسلم "للنووي (18/ 213).

الصفحة 5327