كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 1)

وفي الصحيحين (¬1) وغيرهما من حديث البراء بن عازب وقصة هجرته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أبي بكر قال: "واتبعنا سراقة بن مالك بن جعشم، ونحن في جدد من الأرض، فقلت: يا رسول الله، آتينا، فقال: لا تحزن إن الله معنا، فدعا عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فارتطمت فرسه إلى بطنها فقال: "علمت أنكما دعوتما علي، فادعوا لي، ولكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا الله فنجا" الحديث.
وفي الصحيحين (¬2) وغيرهما من حديث سراقة نفسه قال: "ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان" الحديث. ومن دلائل نبوته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما في الصحيحين (¬3)، وغيرهما عن جابر قال: غزونا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزاة قبل نجد، فأدركنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في القائلة في واد كثير العضاة، فنزل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تحت شجرة فعلق سيفه بغصن من أغصانها، وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر. فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن رجلا أتاني، وأنا نائم فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي، والسيف صلتا في يده، فقال: من يمنعك مني؟ قلت: الله، فشام السيف (¬4) فها هو ذا جالس، ثم لم يعرض لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان ملك قومه، فانصرف حين عفا عنه، فقال: لا أكون في قوم هم حرب لك".
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3615) بنحوه. ومسلم في صحيحه رقم (3009).
* جدد من الأرض: هو المستوي من الأرض وعند مسلم (جلد) وهما روايتان.
* صحيح مسلم (18/ 150 نووي).
(¬2) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3906) معلقا.
قلت: وأخرجه البيهقي في "الدلائل" (2/ 485 - 489) موصولا.
(¬3) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2913) بنحوه، ومسلم في صحيحه رقم (843) واللفظ له.
(¬4) شام السيف: أي أغمده. والشيم من الأضداد، يكون سلا وإغمادا.

الصفحة 557