كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 2)

الأكل (¬1) والشرب والجماع (¬2)، فإنه لم يقل به منهم قائل أصلا، لأن الإنجيل صرح بانتفاء (¬3) ذلك في القيامة تصريحا لا يبقى بعده ريب لمرتاب.
وخاتم الأنبياء- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أثبت المعاد على وجه محقق كامل أكمل مما ذكره الأولون، فقال: " إن البدن والأنفس معا مبعوثان، ومحل منهما حظ في الثواب والعقاب " (¬4). ثم نقل بعد هذا كلام ابن سيناء (¬5) وحاصله: إن الشريعة المحمدية أثبتت المحاد الروحاني والجسماني، والنعيم لهما والعقاب، وأنكر على النصارى حيت أثبتوا بعث الأبدان وخلوها عن المطعم والملبس والمشرب والمنكح.
واعلم أن أصل هذه المقالة الملعونة، والرواية عن التوراة والإنجيل المكذوبة مقالات
¬_________
= وإسحاق ويعقوب وملكوت السماء ومخرج بنو الملكوت إلى الظلمة البرانية، هنالك يكود البكاء
وصرير الأسنان " إنجيل متي (8/ 10 - 12).
(¬1) قال المسيح: " اعملوا لا للطعام الفاني، بل للطعام الباقي في الحياة المؤبدة لأن ذلك قد ختمه الله ". إنجيل يوحنا (6/ 27).
(¬2) قال المسيح عليه السلام: " من ترك زوجة أو بنيئ أو حقلا من أجلى فإنه يعطى في الجنة مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية ".
إنجيل متى (19/ 25) ومرقس (10/ 29 ,30).
(¬3) وما قدمنا من أقوال المسيح برد على أبي الحديد وقد صرح المسيح بأن المؤمن يعطى في الجنة مائيي زوجة وكما يعطى مائتي حقل.
(¬4) قال ابن تيمية في مجموع فتاوى (14/ 167): والجنة والمار التي تفتح وتغلق غير ما في القلوب، ولكن ما في القلوب سبب له ودليل عليه وأثر من آثاره وقد قال تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتمى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا} [النساء: 10] وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الذي يضرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " يأكلون ويشربون ما سيصير نارا، وقيل: هو سبب النار.
أخرجه البخاري رقم (5634) ومسلم رقم (2065).
(¬5) تقدمت ترجمته (ص 553).

الصفحة 568