كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 2)

قالها جماعة من متزندقة اليهود والنصارى، كابن ميمون (¬1) اليهودي الأندلسي وأضرابه. قال في تاريخ النصراني في ترجمة ابن ميمون المذكور [1] أنه صنف رسالة في إبطال المعاد الجسماني، وأنكر عليه مقدمو اليهود فأخفاها إلا عمن يرى رأيه. قال: ورأيت جماعة من يهود بلاد الإفرنج بأنطاكية وطرابلس يلعنونه، ويسمونه كافرا ... انتهى.
فهذه رواية نصراني عن طائفة من اليهود أكم كفروا ابن ميمون، ولعنوه بسبب هذه المقالة. وقد وقع من هذا الملعون التحريف لما قي التوراة كما سيأتيك بيانه. وها نحن نملي عليك ما في التوراة، ثم ما ني الزبور، ثم ما في الإنجيل، حتى تعلم أن الأمر على خلاف ما قاله زنادقة الملة اليهودية، والملة النصرانية، وتلفى ذلك عنهم زنادقة الملة الإسلامية استرواجا منهم لما يتضمن من القدح في شرائع الله- سبحانه-.
أما التوراة فصرح الله (¬2) - سبحانه- باسم الجنة في أول التوراة عند الكلام على ابتداء خلق العالم ولفظه: فغرس الله جنانا في عيذا شرقيا وأبقا، ثم ادم الذي خلق، وأنبت الله ثم كل شجرة وحسنة، فنظرها وطيب مأكلها، وشجرة الحياة في وسط الجنان، وشجرة معرفة الخير والشر، وكان فر يخرج من عيذا ليسقي الجنان، ومن ثم يتفرق ويصير أربعة رؤس، اسم أحدها النيل، وهو المحيط بجميع بلد زويلة الذي ثم الذهب، وذهب ذلك البلد جيد، ثم اللؤلوء وحجارة البنور واسم النهر الثاني جيحون، وهو المحيط بجميع بلد الحبشة، واسم النهر الثالث الدجلة وهو السائر في شرقي الموصل، والنهر الرابع هو الفرات ... انتهى.
فهذه هي الجنة التي ورد ذكرها في القران الكريم، وصح عن النبي - صلى الله عليه واله وسلم- أن هذه الأربعة صحيحه رقم (3207). ومسلم ي صحيحه رقم (164/ 264) وأحمد (4/ 207 - 208) وأبو عوانة (1/ 120 - 124) من طرق عن قتادة عن أنس بن مالك بن صعصعة مرفوعًا بحديث الإسراء بطوله: " وحدث نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه رأى أربعة أنهار، يخرج من أصلها نهران ظاهران ونهران باطنان فقلت: يا جبريل، ما هذه الأنهار؟ قال: أما النهران الباطنان فنهران قي الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات ". (¬3) الأنهار خارجة منها كما في دواوين الإسلام وغيرها.
¬_________
(¬1) تقدت ترجمته (496).
(¬2) انظر: سفر التكوين والإصحاح الثاني والثالث.
(¬3) يشير إلى الحديث الذي أحرجه البخاري في صحيحه رقم (5610) معلقا ووصله البخاري في

الصفحة 569