كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 2)

وقد اعترف هذا رأس زنادقة اليهود، وهو موسى بن ميمون القرطبي الأندلسي المتقدم ذكره في تأليفه المسمى: " المسمى في الفقه (¬1) "، فقال: إن هذا الموضع الذي هو جن عيذا هو موضع خصيب من كرة الأرض، كثير المياه، والأثمار، وسيكشفه الله للناس في المستقبل، فيتنعمون به. ولعل يوجد فيه نبات غريب جدا، عظيم النفع [2]، كثير اللذة، غير هذه المشهورة عندنا، وهذا كله غير ممتنع ولا بعيد، بل قريب الإمكان. بمشيئة الله تعالى. ثم اعترف بذلك اعترافا آخر فقال في كتاب اللغات (¬2) في حرف العن: إن معنى هذا الاسم الذي هو عيذا: هو التلذذ والتنعم، ومنه حميت لذات الآخرة، ونعيم أنفس الصالحين الكاملين جن عيذا. ثم قال في هذا الكتاب في تفسير جن عيذا: أي أن تلك هي جنات النعيم، وفردوس السعادة وقد شرحوا معنى جن عيذا وماهية التلذذ فيها، وحال من وصل إليها واستقر في ظل غروسها، وشرب عذوبة أنهارها، وأكل من لذيذ أثمارها. قالوا: والصالحون باقون فيها ليستلذوا من نور الله. وقال النبي يشيعا في حقيقة ذلك التلذذ قال: لا عين تقدر تراه إلا علم الله تعالى ... انتهى كلام ابن ميمون في ذلك الكتاب وقد اقتصرنا على نقل كلام هذا الملعون ابن ميمون في شأن الجنة، لأنه هو الذي قال بتلك المقالة التي اقتدى به فيها مثل ابن سينا ومن بعده ولكن انظر ما الفرق بين كلامه وبن كلام ابن أبي الحديد من أهل الإسلام، وتصريحه في كلامه الذي نقلناه عنه سابقا بأنه لم يأت في التوراة وعد وعيد يتعلق. مما بعد الموت، وإن كل ما في التوراة من
¬_________
(¬1) تقدم التعريف به في الرسالة السابقة " إرشاد الثقات " (9).
(¬2) انظر " تاح العروس " (5/ 154).

الصفحة 570