كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 2)

يقومون فقد أنبأ بذلك موسى.
وفي الفصل الثالث والعشرين منه ما لفظه: إن المسيح قال للمصلوب الذي امن به: إنك تكون معي في الفردوس.
ولنقتصر على هذا [6] المقدار من النقل عن كتب الله السابقة ونذكر لك هاهنا طرفا مما وعدناك به من تحريفات (¬1) زنديق الملة اليهودية ابن ميمون المتقدم ذكره فنقول: قال اللين في كتابه المسمى بالمشنى بعد اعترافه فيه كما حكيناه عنه سابقا ما لفظه: اعلم أنه كما لا يدرك الأعمى الألوان، ولا يدرك كذلك الأصم الأصوات، ولا العنين شهوة الجماع، كذلك لا تدرك الأجسام اللذات النفسية، وكما لا يعلم الحوت استقص النار لكونه قي ضده كذلك لا يعلم في هذا العالم الجسماني بلذات العالم الروحاني، بل ليس عندنا بوجه لذة غير لذات الأجسام، وإدراك الحواس من الطعام والشراب والنكاح، وما سمي غير ذلك فهو عندنا غير موجود، ولا نميزه، ولا ندركه على بادي الرأي إلا بعد تحذق كثير، وإنما وجما ذلك لكوننا في العالم الجسماني في لذات، فلا ندرك إلا لذته. فأما اللذات النفسانية فهي دائمة غير منقطعة، وليس بينها وبن هذه اللذة نسبة بوجه من الوجوه.
ولا يصح لنا قي الشرع ولا عند الإلهيين من الفلاسفة أن نقول: إن الملائكة والكواكب والأفلاك ليس لها لذة، بل لهم لذة عظيمة جدا لما عقلوه من الباري- عز
¬_________
(¬1) يستدل النصارى على ذلك بما ورد في " إنحيل متى " (22/ 22 - 35) و"مرقس " (12/ 18 - 25) و"لوقا" (20/ 27 - 35): (حين جاء إلى المسيح صدوقون- وهم فرقة مر اليهود- يسألونه عن امرأة تزوجت بسبعة أزواج واحدا تلو الآخر فلمن من السبعة تكون زوجة له في يوم القيامة؟
فقال المسيح: تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء). .
وهذا النص من تحريف وأباطيل النصارى: فكما نعرف أن الأنبياء عليهم السلام قد بشروا المؤمنين بالجنة وما فيها من الملذات والنعيم. وكما ورد في نصوص التوراة والإنجيل عندهم قبل التحريف.

الصفحة 576