كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 12)

ذكرناها فتجتهد في متابعة القارئ، (¬1) فإنه قد جمع له بين أفضل الأذكار، فطلب العلم وفهمُه يأخذ بطرفيّ الكمالِ، وفاز بأعظم ما يطلبه طلاب الخير. (¬2)
وفي هذا المقدار كفاية لمن له هدايةٌ وحسبنا الله ونعم الوكيل.
كتبه من خط المجيب محمد بن علي الشوكاني ـ غفر الله له [3ب]ـ.
¬_________
(¬1) انظر: (فتح الباري) (11/ 168).
(¬2) قال الحافظ في (الفتح) (11/ 168) قال ابن العربي: فائدة الصلاة عليه ترجع إلى الذي يصلي عليه لدلالة ذلك على نصوع العقيدة وخلوص النية وإظهار المحبة والمداومة على الطاعة والاحترام للواسطة الكريمة صلي الله عليه وسلم: وقد تمسَّك بالأحاديث المذكورة من أوجب الصلاة عليه كلما ذكر. لأن الدعاء بالرغم والإبعاد والشقاء والوصف بالبخل والجفاء يقتضي الوعيد والوعد على الترك من علامات الوجوب. ومن حيث المعنى أن فائدة الأمر بالصلاة عليه مكافأته على إحسانه، وإحسانه مستمر، فيتأكد إذا ذكر وتمسكوا أيضًا بقوله: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} فلو كان إذا ذكر لا يصلي عليه لكان كأحد الناس. ويتأكد ذلك إذا كان المعنى بقوله: {دُعَاءَ الرَّسُولِ} الدعاء المتعلق بالرسول، وأجاب من لو يوجب ذلك بأجوبة: (منها) أنّه قول لا يعرف عن أحد من الصحابة والتابعين فهو قول مخترع، ولو كان ذلك على عمومه للزم المؤذن إذا أذن وكذا سامعه ولزم القارئ إذا مر ذكره في القرآن وللزم الداخل في الإسلام إذا تلفظ بالشهادتين ولكان في ذلك من المشقة والحرج ما جاءت الشريعة السمحة بخلافه، ولكان الثناء على الله كلما ذكر أحق بالوجوب ولم يقولوا به.
وقد أطلق القدوري وغيره من الحنفية أن القول بوجوب الصلاة عليه كلما ذكر مخالف للإجماع المنعقد قبل قائله، لأنه لا يحفظ عن أحد من الصحابة أنّه خاطب النبي صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله صلي الله عليك، ولأنه لو كان كذلك لم يتفرغ السامع لعبادة أخرى. وأجابوا عن الأحاديث بأنها خرجت مخرج المبالغة في تأكيد ذلك وطلبه وفي حق من اعتاد ترك الصلاة عليه ديدنا.
قال الحافظ في (الفتح) (11/ 169) وفي الجملة لا دلالة على وجوب تكرر ذكر بتكرر ذكره صلي الله عليه وسلم في المجلس الواحد.
وما نرجحه قول الشوكاني رحمه الله.

الصفحة 5844