كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 12)

شَيْءٍ} (¬1) فقال: وهذه مبالغةٌ عظيمة، لأن المحالَ والمعدومَ يقعُ عليها اسمُ الشيء، وإذا نُفي إطلاق اسم الشيء عليه، فقد بُولِغَ في تركِ الاعتدادِ به إلى ما ليس بعدَه، وهكذا قولُهم: أقلُّ من لا شيء ... انتهى بحروفه.
فإذا كان الشيءُ يُطلقُ على المحالِ والمعدومُ فضلاً عن الموجودِ عند الزمخشري، كأن حثَّ عليه أن يقولَ في الشيء المذكور في هذه الآية ما قالَه في الشيء المذكور في تلكَ الآية، فكيف يخصَّصُه ببعض الأفرادِ!
والثاني: ما يُستفادُ من الأحاديث الصحيحةِ الثابتة عن جماعة من الصحابة، مرفوعةٍ إلى النبيِّ صلي الله عليه وسلم وموقوفةٍ، فمنها: حديث عبادةَ بن الصامتِ قال: سمعتُ رسولَ الله صلي الله عليه وسلم يقول: «إن أوَّل ما خلقَ الله القلمَ، فقال له: اكتبْ فجرى بما هو كائنٌ إلى الأبدِ ... » أخرجه ابن أبي شيبة، (¬2) وأحمدُ، (¬3) والترمذيُّ، (¬4) وصحَّحَهُ، (¬5) وابن مردويهِ. (¬6)
ومنها حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «إنَّ أوَّل ما خلقَ الله القلمَ، قال: اكتُبْ، قال: ما أكتب؟ قال: كل شيء كائنٌ إلى يوم القيامة» أخرجهُ ابنُ جرير (¬7) والطبرانيُّ. (¬8)
¬_________
(¬1) [البقرة: 113].
(¬2) في (المصنف) (14/ 114).
(¬3) في (المسند) (5/ 317).
(¬4) في (السنن) رقم (2155، 3319).
(¬5) في (السنن) (4/ 458).
(¬6) عزاه إليه السيوطي في (الدر المنثور) (8/ 241). وهو حديث صحيح.
(¬7) في (جامع البيان) (14 جـ 29/ 241).
(¬8) في (المعجم الكبير) (11/ 433 رقم 12227) وأورده الهيثمي في (المجمع) (7/ 128) وقال: (لم يرفعه عن حماد بن زيد إلاَّ مؤمل بن إسماعيل. قلت: ومؤمل ثقة كثير الخطأ، وقد وثقه ابن معين وغيره وضعفه البخاري وغيره وبقية رجاله ثقات). اهـ.

الصفحة 6196