كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 12)

[2]. والكلامُ فيه كالكلام في الوجهِ الذي قبلَه، والجوابُ الجوابُ.
الوجه الثامن: إن المراد بالشركِ هاهنا ما تُعرض من الخواطرِ والأحوالِ حالَ الإيمان.
قاله الواسطي كما حكاه عنه البِقاعيُّ، (¬1) وفيه أن هذه الخواطِرَ والأحوالَ إن كانت مما يصدُقُ عليه الشركُ الأكبرُ أو الأصغر فذاك، وإن كانت خارجةً عن ذلك فهو فاسد.
الوجه التاسع: إنهم الذين يشبِّهون الله بخلقِه. رواه في الكشاف (¬2) عن ابن عباس، وتقريره أنهم آمنوا بالله حالَ تشبيههم له بما يكون شركًا أو يؤولُ إلى الشرك.
الوجه العاشر: هو ما تقوله القدريةُ من إثبات القدرةِ للعبد. حكاه النَّسفيُّ في مداركِ التنزيل، (¬3) وتقريره أنهم آمنوا بالله حالَ إثباتهم ما هو مختصٌّ به لغيره، وهو شرك أو مُنَزَّلٌ منزلَة الشِّرك.
الوجهُ الحادي عَشَرَ: ما قاله محيي الدين بن عربي في تفسيره: إن أكبر الناس إنما يؤمنون بغير اللهِ، ويكفرون بالله دائمًا، ففي بعض الأحيانِ يشركون الله ـ سبحانه ـ مع ذلك الإله الذي هم مؤمنونَ فلا يؤمن أكثرهم بالله إلا حالَ كونه مشركًا.
وفيه أن ظاهر النظم القرآني أن الإيمان بالله، والشركَ بتشريكِ غيرِه معَهُ لا بتشريكهِ مع غيرهِ، وبين المعنيينِ فرقٌ.
الوجه الثاني عشَرَ: ذكره ابن كثير في تفسيره (¬4) وهو أن ثَمَّ شركًا خفيًّا لا يشعر به غالبُ ممن يفعله كما روي عن حذيفةَ أنه دخلَ على مريض يزورهُ فرأى في عضدهِ سيرًا فقطعَه، أو انتزعه ثم قال: وما يؤمنُ أكثرهم بالله إلا وهم مشركونَ).
وفي الحديث الذي رواه الترمذيُّ، (¬5) .........................
¬_________
(¬1) في (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور) (10/ 238 ـ 239).
(¬2) (3/ 327 ـ 328).
(¬3) (2/ 137 ـ 138).
(¬4): (4/ 418).
(¬5) في (السنن) (1535).

الصفحة 6228