كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 12)

قال السائل ـ كثر الله فوائده ـ:
السؤال الخامس: ما يقول القاضي في قول النحاة مثلاً هذا في محلِّ رفع، وهذا في محل نصب، وهذا محلِّ جر، وهذا في محل جزم، وهو شيء أخذه متأخِّروهم عن أولِّيهم، هل تساهلوا في ذلك حيثُ جعلُوا الاسم مثلاً أو الفعلَ بمنزلةِ الحركةِ أو الحرفِ أو الحذفِ، وكان القياسُ أن يقولوا في محلِّ مرفوعٍ، وفي محلٍّ منصوب، وفي محل مجرور، وفي محل مجزوم، أو الاعتراضَ؟ .. وكذلك هل وقع منهم تساهلٌ في قولهم مثلاً في أول الأبوابِ حين يأخذون في حدِّ كل باب:
المبتدأ: هو الاسمُ المجردُ عن العوامل اللفظيةِ المرفوعُ، أو هو الاسم الصريح أو المؤول به المرفوعُ، أو ما ابتدأَ به مرفوعًا. والحالُ وصفٌ فعله منتصبٌ، حيث جعلوا الرفعَ في المبتدأ، أو النصبَ في الحال جزءًا من الماهية، وهو حكم من الأحكام، وهذا عندهم من جملة المردودِ، إذا إدخالُ الأحكام في الحدودِ منتقد وإن جعلوه جزءًا واحدًا لزمَ فيه الدورُ، سواء كان بمرتبةٍ كتوقُّفِ (أ) على (ب) و (ب) على (أ)، أو بمراتبَ كتوقُّفِ (أ) على (ب) و (ب) على (ج) و (ج) على (أ)، أفتنا على ماذا نعتمدُ عليه ونعوِّل عليه؟ ....
أقول: هذا قد اشتمل على سؤالينِ:
وجوابُ الأول: أنه من باب التعبيرِ بالمصدرِ عن اسم المفعولِ، وذلك واقع كثيرًا، ومنه الصورةُ التي ضربها أهلُ النحو مثالاً، وهي قولهم: الدرهمُ أو الدينارُ ضربُ الأمير أي مضروبُهُ، ومن ذلك قول النحاة (¬1): الكلمةُ لفظ وضعَ مفردٍ كما وقع في كافيةِ (¬2) ابن الحاجبِ، فإن شُرَّاحِ (¬3) كلامِه قالوا في الشروح: إن اللفظ هنا بمعنى الملفوظِ، ومن
¬_________
(¬1) انظر: (شرح كافية ابن الحاجب) (1/ 21).
(¬2) (1/ 21).
(¬3) منهم: رضي الدين محمد بن الحسن الأستراباذي.

الصفحة 6242