كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 12)

والشيء ذاتًا وخارجًا.
وأمَّا على قول غيرهم فمن قال أنَّ الشيء هو المعلومُ، فالشيء أعمُّ من الموجود مطلقًا لإطلاقه على الموجودِ والمعدومِ، بل على المستحيل، ومن قال هو للقديم دون الحادث جعلَه أخصَّ من الموجود مطلقًا، وهكذا تكون النسبةُ [7ب] عند من جعله للحادث وللجسمِ، قال القوشجي في شرح التجريدِ: ولهم تردّد في اتحاد مفهوم الوجودية والشيئية، بل ربما يدعى نفيَه، إذ يقال وجودُ الماهية من الفاعل، ولا يقال بشيئيتها من الفاعل، ويقال هي واجبةُ الوجودِ، وممكنة الوجود، ولا يقال هي واجبةُ الشيئيةِ، وممكنة الشيئيةِ. (¬1) انتهى.
وبهذا تعرف جوابَ قوله: وما بين اللاشيء واللاموجودِ من التقابل.
ثم نقول للسائل ـ كثر الله فوائده ـ: هل المعدوماتُ متُمايزة أم لا؟ وما الحق في ذلك؟ وما الدليل عليه الذي لا تتطرَّقه الشبهةُ، ولا يَعْتَوِرُهُ التغوُّض؟ ثم على القول بالتمايز هل الأفراد من قسمِ المتواطئِ أو المشككِ، وما النسبة بينَهما؟ وهل يقال في المعدوم أنه ينقسم إلى قسمين: خارجي وذهني كما انقسم الموجودُ إليهما؟ وكيف يصح قولُهم معدوم خارجي، ومعدوم ذهني؟ وما الحق في الوجود الذهني؟ هل إثباته كما قال الحكماء أو نفيه كما قال غيرهم؟ وما النسبة بينه وبين الوجود الخارجي؟ وهل بينهما واسطة أم لا؟ وهل ذلك التمايُزُ الذي قال به من قال في المعدومات بحسب إدراك العقل فقط أم بغيره من الإدراكات؟ وما الأمر الذي كلَّما أدركه العقلُ كان إدراكُه غلَطًا مع كونه من المعقولات؟ وما الأمر الذي لا يتخيَّر ولا غيرُ متخيَّر، ولا يتصف بالصفات
¬_________
(¬1) قال ابن تيمية في (مجموعة الرسائل والمسائل) (1/ 29): فإن الذي عليه أهل السنة والجماعة وعامة العقلاء أن الماهيات مجعولة وأن ماهية كل شيء عين وجوده، وأنّه ليس وجود الشيء قدرًا زائدًا على ماهيته بل ليس في الخارج إلا الشيء الذي هو الشيء وهو عينه ونفسه وماهيته وحقيقته وليس وجوده وثبوته في الخارج زائدًا على ذلك.
وانظر (بغية المرتاد) (ص415).

الصفحة 6271