كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 12)

أتي الزمانَ بنوهُ في شبيته ... فسرَّهم وأتيانه على الكِبَرِ *
لا تعتمدْ إلاَّ رئيسًا فاضلاً ... إنَّ الكبارَ أطبُّ للأوجاع
ليس إجلالُكَ الأكابرَ ذُلاً ... إنما الذلُّ أن تُجِلُّ الصِّغارا *
هنيئًا مريًا غيرَ داء مخامرٍ ... لعزَّةَ من أعراضنا ما استحلَّتِ (¬1)
إذا ضيَّعتَ أوَّلَ كلِّ أمْرٍ ... أبتْ أعجازُهُ إلاَّ التواءَ
وعاجزُ الرأي مِضيًا لفرصـ ... ـته حتى إذا فات أمرًا عاتَب القدرا *
قد يدركُ المتأني بعضَ حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزَّللُ (¬2)
وربما فات بعضَ القوم أمرُهم ... مع التأني وكانَ الجرمُ لو عَجِلوا *
لا ذا ولا ذاك في الإفراط أَحْمَدُهُ ... وأحمدُ الأمرَ يأتي وهو معتدلُ *
أخْلِقْ بذي الصب أن يحظى بحاجته ... ومُدْمِنِ القرع للأبواب أن يَلِجَا
وما نزلتُ من المكروهِ منزلةً ... إلاَّ وَثْقْتُ بأنْ ألقى لها فرجَا *
وما الحسنُ في وجه اللئيم شرفٌ له ... إذا لم يكن في فعله والخلائقِ [2ب]
إذا كان الفتى ضَخْمَ المعاني ... فليس يضرُّه الجسمُ النحيلُ *
ولست بِنَظَّارٍ إلى جانب الغِنا ... إذا كانتِ العليا في جانب الفقرِ
يصدُّ عن الدنيا إذا هي أقبلتْ ... وإن برزتْ في زيِّ عذراءَ ناهِب *
من عاش أجْلَلَتِ الأيامُ جِدَّتَه ... وفاتَه ثقتاهُ السمعُ والبصرُ
إنَّ الثمانينَ وبُلِّغْتُهَا ... قد أحوجت سمعي إلى تُرْجُمان *
إذا المرءُ أعيتْه السيادةُ ناشئًا ... فمطلبها كهلاً عليه شديدُ
إذا ما أولُ الخطى أخطى ... فلا يُرجي لآخره انتصارُ *
¬_________
(¬1) للشاعر: كثير عزة.
انظر: (خزانة الأدب) (5/ 214).
(¬2) عزاه في (جواهر الأدب) (2/ 464).

الصفحة 6300