كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 12)

وإذا حَذِرْتَ من الأمور مقدَّرًا ... وفررتُ منه فنحوَهُ تتوجهُ
توَقَّ ملاحاةَ الرجال وذمَّهم ... فإن لهم علمًا بسوء المثالبش
إن النساء متى ينهيْنَ عن خلُقٍ ... فإنه واقع لابدُّ مفعولُ
من لم يَعُدْنَا إذا مرِضْنَا ... إن مات لم تشهدِ الجنازهْ
ولست بالموجبِ حقًا لمن ... لا يوجِبُ الحقَّ على نفسِهِ*
لو بغير الماء حلقي شرَقْ ... كنتُ كالغصَّان بالماء اعتصاري
إلى الماء يسعى من يغصُّ بلقمةٍ ... إلى أين يسعى من يغصُ بماء*
إذا اعتاد الفتى خوضَ المنايا ... فأهون ما يمر به الوحولُ [5أ]
إنَّا لفي زمن تركُ القبيح به ... من أكثر الناس إحسانًا وإجمالاً
لولا المشقةُ ساد الناس كلُّهم ... الجودُ يُفْقِرُ والإقدامُ قتَّالُ
وكلٌّ يرى طُرُقَ الشجاعةِ والندى ... ولكنَّ طَبْعَ النفسِ قائدُ*
ولست بمستبقٍ لا تلِمُّه ... على شَعَثٍ أيُّ الرجال المهذَّبُ (¬1)
ومن ينفق الساعاتِ في جمع أموالِه ... مخافةَ فقرٍ فما الذي فعلَ الفقرُ
ومن يأمنِ الدنيا يكن مثلَ قابضٍ ... على الماء خانتْه فروجُ الأصابعِ
وما المرءُ إلا كالشهاب وضوءُهُ ... يعود رمادًا بعد إذ هو صادعُ
إذا لم يكن فيْكُنَّ ظِلٌّ ولا جنى ... فأبْعَدَكُنَّ الله من شجراتِ
وكنت إذا قومٌ غزوني غزوتُهم ... فهل أنا في ذايالِ همدانَ ظالمُ
¬_________
(¬1) للشاعر: النابغة الذبياني, من قصيدة (أي الرجال المهذب). نظمها معتذرًا إلى النعمان بن المنذر مادحًا إياه وفيها:
فإنك شمسٌ والملوك كواكبٌ ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكبُ
(ديوان النابغة الذبياني) (ص 28). وانظر: (جواهر الأدب) (2/ 40).

الصفحة 6307