كتاب الفروق اللغوية للعسكري

بِنَاء وَاحِد إِلَّا أَن يجي ذَلِك فِي لغتين فَأَما فِي لُغَة وَاحِدَة فمحال أَن يخْتَلف اللفظان وَالْمعْنَى وَاحِد كَمَا ظن كثير من النَّحْوِيين واللغويين وَإِنَّمَا سمعُوا الْعَرَب تَتَكَلَّم بذلك على طباعها وَمَا فِي نفوسها من مَعَانِيهَا الْمُخْتَلفَة وعَلى مَا جرت بِهِ عاداتها وتعارفها وَلم يعرف السامعون تِلْكَ الْعِلَل والفروق فطنوا مَا ظنوه من ذَلِك وتأولوا على الْعَرَب مَا لَا يجوز فِي الحكم وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ من أهل الْعَرَبيَّة لَا يجوز أَن تخْتَلف الحركتان فِي الكمتين ومعناهما وَاحِد قَالُوا فَإِذا كَانَ الرجل عدَّة للشي قيل فِيهِ مفعل مثل مرحم ومحرب وَإِذا كَانَ قَوِيا على الْفِعْل قيل فعول مثل صبور وشكور وَإِذا كَانَ ذَلِك عَادَة لَهُ قيل مفعال مثل معوان ومعطاء ومهداء وَمن لَا يتَحَقَّق الْمعَانِي يظنّ أَن ذَلِك كُله يُفِيد الْمُبَالغَة فَقَط وَلَيْسَ الْأَمر كذلكت بل هِيَ مَعَ إفادتها الْمُبَالغَة تفِيد الْمعَانِي الَّتِي ذَكرنَاهَا وَكَذَلِكَ قَوْلنَا فعلت يُفِيد خلاف مَا يُفِيد أفعلت فِي جَمِيع الْكَلَام إِلَّا مَا كَانَ من ذَلِك لغتين فقولك سقيت الرجل يُفِيد أَنَّك أَعْطيته مَا يشربه أَو صببت ذَلِك فِي حلقه وأسقيته يُفِيد أَنَّك جعلت لَهُ سقيا أَو حظا من المَاء وقولك شَرقَتْ الشَّمْس يُفِيد
خلاف غربت وأشرقت يُفِيد أَنَّهَا صَارَت ذَات اشراق ورعدت السَّمَاء أَتَت برعد وأرعدت صَارَت ذَات رعد فَأَما قَول بعض أهل اللُّغَة إِن الشّعْر وَالشعر وَالنّهر وَالنّهر بِمَعْنى وَاحِد فَإِن ذَلِك لُغَتَانِ وَإِذا كَانَ اخْتِلَاف الحركات يُوجب اخْتِلَاف الْمعَانِي فاختلاف الْمعَانِي أَنْفسهَا أولى أَن يكون كَذَلِك وَلِهَذَا الْمَعْنى أَيْضا قَالَ الْمُحَقِّقُونَ من أهل الْعَرَبيَّة إِن حُرُوف الْجَرّ لَا تتعاقب حَتَّى قَالَ ابْن درسْتوَيْه فِي جَوَاز تعاقبها إبِْطَال حَقِيقَة اللُّغَة وإفساد الْحِكْمَة فِيهَا وَالْقَوْل بِخِلَاف مَا يُوجِبهُ الْعقل وَالْقِيَاس قَالَ أَبُو هِلَال رَحمَه الله وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذا تعاقبت خرجت عَن

الصفحة 24