كتاب الفروسية المحمدية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

"لمَّا نزلت: {الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ}، إلى قوله: {فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: ١ - ٤]، وكانت فارس يوم نَزَلَت هذه الآية قاهرين للرُّوم (¬١)، وكان المسلمون يحبُّون ظهور الروم عليهم؛ لأنهم وإيِّاهم أهلُ كتاب، وفي ذلك قوله تعالى: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥)} [الروم: ٤ - ٥]، وكانت قريشٌ تحبُّ ظهور فارس؛ لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتابٍ ولا إيمانٍ ببَعْثٍ، فلما أنزل اللهُ هذه الآية، خرج أبو بكرٍ الصِّدِّيق يصيحُ في نواحي مكَّة: {الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ}، فقال ناسٌ من قريش لأبي بكر (¬٢): فذلك بيننا وبينكم زعم (¬٣) صاحبكَ أنَّ الروم سَتَغْلِبُ فارس في بضعِ سنين، أفلا نُراهِنُكَ على ذلك؟ قال: بلى - قال: وذلك قبلَ تحريم الرِّهان -. فارْتَهَنَ أبو بكر والمشركونَ، وتواضَعُوا الرِّهان، وقالوا لأبي بكرٍ: كمْ نَجْعَلُ البضع - وهو من ثلاث سنينَ إلى تسع (¬٤)؟ فسمِّ بيننا وبينك وسَطًا تنتهي إليه، قال: فَسَمَّوا بينَهُم ستَّ سنين. قالَ: فمضت السَّتُّ سنين (¬٥) قبل أنْ يظهروا، فأخذ المشركون رهْنَ أبي بكرٍ، فلما دخلتِ السَّنَةُ السابعة ظهَرَتِ الرومُ على
---------------
= (٧/ ٩)، وتاريخ دمشق (١/ ٣٧٠)، والإصابة (٦/ ٢٥٩).
(¬١) في (ظ) (الروم).
(¬٢) قوله (لأبي بكر) من الترمذي و (مط) وقد سقط من (ظ، ح).
(¬٣) في (ح، مط) (يزعم)، والمثبت من (ظ)، والترمذي.
(¬٤) في (مط) (سبع سنين) وهو خطأ.
(¬٥) قوله (قال: فمضت الست سنين) ليس في (ظ).

الصفحة 19