كتاب الفروسية المحمدية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وهذا يقتضي عدم مساواة ما أثبتَه لما نفاه في الحكم والحقيقة، فلا يجوز التَّسوية بينهما.
وهذا كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُجْلَدُ فوق عشرةِ أسواط إلا في حدٍّ من حُدودِ الله" (¬١)، ففرَّق بين الحدِّ وغيره في تجاوز العشرة، فلا يجوز قياس أحدهما على الآخر، ولا الجمع بينهما في الحكم.
وكذلك منعُه من بيع الرُّطَب بالتمر، وتجويزه في العرايا (¬٢)، فلا يجوز الجمع بينهما في التحريم ولا في المنع.
وكذلك تحريمه ربا الفضل مع اتِّحاد الجنس في الأعيان التي نصَّ عليها، وتجويزه التفاضل مع اختلاف الجنس (¬٣).
وكذلك سائر ما فَرَّق بينهما في الحكم.
فلا يُفَرَّق بين ما جَمع بينه، ولا يُجْمَع بين ما فَرَّق بينه، فلا بدَّ من إلغاء أحد الأمرين: إما إلغاء ما اعتبرتموه من الجمع بين ما فَرَّق الشارع بينه، أو إلغاء ما اعتبره من الفَرْق، ولا سبيل إلى الثاني، فتعيَّن الأوَّل.
---------------
(¬١) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٤٥٦ - ٦٤٥٨) ومسلم (١٧٠٨) من حديث أبي بردة الأنصاري رضي الله عنه. وعند البخاري (جلدات) بدلًا من (أسواط)، وعند مسلم ( .. أحدٌ فوق ... ).
(¬٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٤٠). من حديث سهل بن أبي حثمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نهى عن بيع الثمَر بالتَّمْر، ورخص في العرية أن تباع بخرصها، يأكلها أهلها رطبًا) لفظ البخاري.
(¬٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٠٧١)، ومسلم (١٥٩٠) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
تنبيه: وقع في (ظ) (على اختلاف) بدلًا من (مع اختلاف).

الصفحة 29