كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 1)
بشر ليلة بات بها قوم فلما كان في وجه الصبح أو قال في السحر إذا نحن به يجيء من قبل حراء فقلنا يا رسول الله فذكروا الذي كانوا فيه فقال إنه أتاني داعي الجن ‹1› فأتيتهم فقرأت عليهم، قال فانطلق بنا فأراني آثارهم وآثار نيرانهم قال وقال الشعبي سألوه الزاد، قال ابن أبي زائدة قال عامر فسألوه ليلتئذ الزاد كانوا من جن الجزيرة ‹2› فقال كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان عليه لحما، وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم، فلا تستنجوا بهما فإنهما زاد إخوانكم من الجن
__________
(وقوله استطير) أي ذهب به بسرعة كأن الطير حملته والاستطارة والتطاير التفرق والذهاب ‹1› أي جن نصيبين وكان ذلك بمكة قبل الهجرة ‹2› أي جزيرة العرب {تخريجه} (م، د، قط، نس، ك) والبخاري من حديث أبي هريرة وفيه أن أبا هريرة قال للنبي صلى الله عليه وسلم. لما فرغ من حاجته ما بال العظم والروث، قال هما من طعام الجن وإنه قد أتاني وفد جن نصيبين؛ ونعم الجن فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاما، وفي الباب عند الدارقطني، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي أن يستنجى بروث أو عظم، وقال إنهما لا يطهران، قال الدارقطني بعد ذكره إسناده صحيح؛ وفي الباب أحاديث كثيرة من طرق متعددة في النهي عن الاستنجاء بالعظم والروث والفحمة؛ أما العظم فلكونه طعام الجن، وأما الروث فلكونه علف دوابهم كما في الحديث الأخير في الباب لابن مسعود، أو لأنهما لا يطهران كما في رواية الدارقطني لأن العظم لزج لا يتماسك فلا ينشف ولا يقطع البلة، ولأن الروث رجس أي نجس كما في الحديث الأول لابن مسعود، والنجاسة لا تزال بمثلها، وأما الفحمة فلم أقف لها على علة في رواية، نعم ذكر في مجمع بحار الأنوار نقلا عن النووي، النهي عن الاستنجاء به (يعني الفحم) قال لأنه جعل الرزق للجن فيه، ولم يرد كيفية حصول الرزق فيه ولم ينحصر الرزق في الأكل فلعلهم ينتفعون به من وجه آخر اهـ (قلت) ويلحق بالعظم ما في معناه كالزجاج الأملس وكل محترم كالمطعومات وأجزاء الحيوان وأوراق كتب العلم وغير ذلك والله أعلم