كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 2)

(6) باب في النية والتسمية عند الوضوء
(234) عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إنما الأعمال بالنِّيَّة (1) ولكلِّ امرئٌّ
__________
(234) عن عمر رضي الله عنه "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص قال سمعت عمر رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث) "غريبه" (1) عند الشيخين إنما الأعمال بالنيات بالجمع قال الحافظ ووقع في معظم الروايات بإفراد النية، ووجهه أن محل النية القلب وهو متحد فناسب أفرادها بخلاف الأعمال فإنها تتعلق بالظواهر وهي متعددة فناسب جمعها، ولأن النية ترجع إلى الإخلاص وهو واحد للواحد الذي لا شريك له، قال ووقع في رواية مالك عن يحيى عند البخاري في كتاب الإيمان بلفظ (الأعمال بالنية) وكذا في العتق من رواية الثوري وفي الهجرة من رواية حماد بن زيد، ووقع عنده في النكاح بلفظ (العمل بالنية) بأفراد كل منهما (والنية) بكسر النون وتشديد التحتانية على المشهور، وفي بعض اللغات بتخفيفها اهـ "قلت" ومعنى النية لغة القصد والإرادة، وشرعا توجه القلب جهة الفعل ابتغاء وجه الله تعالى وامتثالا لأمره (وقال الخطابي رحمه الله) في معنى قوله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات) قال لم يرد به أعيان الأعمال لأنها حاصلة حسًا وعيانًا بغير نية وإنما معناه أن صحة أحكام الأعمال في حق الدين إنما تقع بالنية، وأن النية هي الفاصلة بين ما يصح وما لا يصح، وكلمة إنما عاملة بركنيها إيجابا ونفيا فهي تثبت الشيء وتنفي ما عداه فدلالتها أن العبادة إذا صحبتها النية صحت، وإذا لم تصحبها لم تصح، ومقتضى حق العموم فيها يوجب أن لا يصح عمل من الأعمال الدينية أقوالها وأفعالها فرضها ونفلها قليلها وكثيرها الأبنية، قال والني هي قصدك الشيء بقلبك وتحري الطلب منك له، ومحلها القلب، ومن زعم أن النطق بها سنة وتكلف لذلك فقد جازف وخرج عن الحقيقة اللغوية والشرعية اهـ (وقال ابن دقيق العيد رحمه الله) قوله صلى الله عليه وسلم (الأعمال بالنيات) لابد فيه من حذف مضاف، واختلف الفقهاء في تقديره والذين اشترطوا النية قدروه صحة الأعمال بالنيات أو ما يقاربه، والذين لم يشترطوها قدروه كمال الأعمال بالنيات أو ما يقاربه، وقد رجح الأول بأن الصحة أكثر لزومًا للحقيقة من الكمال، فالحمل عليها أولى لأن ما كان ألزم لشيء كان أقرب إلى خطوره بالبال عند إطلاق اللفظ فكان الحمل عليه أولى، وكذلك قد يقدرونه إنما اعتبار الأعمال بالنيات وقد قرب ذلك بعضهم بنظائر من المثل كقولهم إنما الملك بالرجال

الصفحة 17