كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 2)

__________
العصر أن يصير الظل قامتين بعد الزوال فمن صلى قبل ذلك لا تجزئه صلاته وخالفه صاحباه، (واختلفوا في آخر وقت العصر) فقال الشافعى آخر وقتها إذا صار ظل كل شئ مثليه لمن ليس له عذر ولا به ضرورة على ظاهر الحديث، فأما أصحاب العذر والضرورات فآخر وقتها لهم غروب الشمس قبل أن يصلى منها ركعة على حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها) وقال سفيان الثورى وأبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل أول وقت العصر اذا صار ظل كل شئ مثله مالم تصفر الشمس، وقال بعضهم مالم تتغير الشمس، وعن الأوزاعى نحو ذلك، ويشبه أن يكون هؤلاءذهبوا إلى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (وقت العصر مالم تصفر الشمس) (وأما المغرب) فقد أجمع أهل العلم على أن أول وقتها غروب الشمس، واختلفوا فى آخر وقتها فقال مالك والأوزاعى والشافعى لا وقت للمغرب الا وقت واحد قولا بظاهر حديث ابن عباس، وقال سفيان الثورى الثورى وأصحاب الرأى (يعنى أبا حنيفة وأهل العراق) وأحمد واسحاق وقت المغرب الى أن يغيب الشفق قال قلت هذا أصح للاخبار الثابتة وهى خبر أبى موسى الأشعرى وبريدة الاسلمى وعبد الله بن عمرو (ولم يختلفوا) فى أن أول وقت العشاء الآخرة غيبوية الشفق، الا أنهم اختلفوا فى الشفق ماهو فقالت طائفة هو الحمرة روى ذلك عن ابن أبى ليلى وأبى يوسف ومحمد والشافعى واحمد واسحاق (وروى) عن أبى هريرة أنه قال الشفق البياض، وأنشد لأبى النجم
حتى اذا الليل جلاه المجتلى ... بين سماطى شفق مهوّل
يريد الصبح، وقال بعضهم الشفق اسم للحمرة والبياض معًا الا أنه انما يطلق فى أحمر ليس بقان وأبيض ليس بناصع، وانما يعلم المراد منه بالأدلة لا بنفس اللفظ كالقرء الذى يقع اسمه على الطهر والحيض معًا وكسائر نظائره من الاسماء المشتركة (واختلفو) فى آخر وقت العشاء الآخرة، فروى عن عمر بن الخطاب وأبى هريرة أن آخر وقتها ثلث الليل، وكذلك قال عمر بن عبد العزيز وبه قال الشافعى قولا بظاهر حديث ابن عباس، وقال الثورى وأصحاب الرأى وابن المبارك واسحاق بن راهويه آخر وقت العشاء الى نصف الليل، وحجة هؤلاء حديث عبد الله بن عمرو قال (ووقت العشاء الى نصف الليل) وكان الشافعى يقول به اذ هو بالعراق، وقد روى عن ابن عباس أنه قال لا يفوت وقت العشاء الى الفجر واليه ذهب عطاء وطاوس وعكرمة (واختلفوا فى آخر وقت الفجر) فذهب الى ظاهر حديث ابن

الصفحة 249