كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 2)

من فيح جهنَّمُّ. فإذا اشتدَّ الحرُّ فأبردوا بالصَّلاة
__________
لها فيء في العادة إلا بعد زوال الشمس بكثير (تخريجه) (ق: والأربعة، هق، طب) (الأحكام) أحاديث الباب فيها الأمر بالابراد بصلاة الظهر، وحمله بعضهم على الوجوب حكى ذلك القاضى عياض، وحمله جماهير العلماء على الاستحباب لكنهم خصوا ذلك بأيام شدة الحر كما يشعر بذلك التعليل بقوله"فان شدة الحر من فيح جهنم" ولحديث أنس المذكور في الباب السابق (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى صلاة الظهر أيام الشتاء وما ندرى مامضى من النهار أكثر أو مابقى منه) وظاهر الاحاديث عدم الفرق بين الجماعة والمنفرد، لأن التأذى بالحر الذى يتسبب عنه ذهاب الخشوع يستوى فيه المنفرد وغيره، وقال أكثر المالكية الافضل للمنفرد التعجيل، وخصه الشافعية بالبلد الحار، وقيدوا الجماعة بما إذا كانوا ينتابون المسجد من مكان بعيد لا إذا كانوا مجتمعين أو كانوا يمشون فى ظل فالأفضل التعجيل، وظاهر الاحاديث عدم الفرق (وقد ذهب) إلى الاخذ بهذا الظاهر الامام أحمد واسحاق والكوفبون وابن المنذر ولكن التعليل يقوله فان شدة الحر يدل على ماذكر من التقييد الحار (وذهب) الهادى والقاسم وغيرهما إلى ان تعجيل الظهر أفضل مطلقًا وتمسكوا بحديث جابر بن سمرة وبحديث خباب المذكورين فى باب السابق وسائر الرويات المذكورة هنالك وبأحاديث أفضلية أول الوقت على العموم، ويجاب عن ذلك بأن الاحاديث الواردة بتعجيل الظهر وأفضلية أول الوقت عامة أو مطلقة وأحاديث الابراد خاصة أو مقيدة، ولا تعارض بين عام وخاص مطلق ومقيد، وأجيب عن حديث خباب بانه كما قال الاثرم والطحاوى منسوخ، قال الطحاوى ويدل عليه حديث المغيرة المذكور أول الباب، وقال آخرون ان حديث حباب محمول على أنهم طلبوا تأخيرًا زائدًا على الابراد، لأن الابراد أن يؤخر بحيث يصير للحيطان فئ يمشون فيه ويتناقص الحر، وحمل بعضهم حديث الابراد على ما إذا صار فيئّا وحديث حباب على ما إذا كان الحصى لم يبرد حتى تصفر الشمس فلذلك رخص فى الابراد ولم يرخص فى التأخير إلى خروج الوقت، وأصرح من هذا أنه قد صحح أبو حاتم والامام احمد حديث المغيرة وعنده البخارى محفوظًا من أعظم الادلة الدالة على النسيج كما قال الأثرم والطحاوى، ونقل الخلال عن الامام أحمد أنه قال هذا (يعنى الابرار) آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو سلم جهل التاريخ وعدم معرفة المتأخر لكانت أحاديث الابراد أرجح لأنها فى الصحيحين، بل فى جميع الامهات بطرق متعددة، وحديث خباب فى مسلم فقط، ولا شك أن المتفق عليه مقدم وكذا ماجاء من طرق، واحسن ما قيل فى ذلك أن أحاديث الوقت عامة أو مطلقة والأمر بالإبراد خاص

الصفحة 254