كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 2)

المغرب فلما فرغ قال هل علم أحد منكم أنى صليت العصر؟ قالوا يا رسول الله ما صليتها، فأمر المؤذن فأقام الصلاة فصلى العصر؛ ثم أعاد المغرب.
__________
في التعليق مصرح بأنها العصر، وحديث عبد الله بن مسعود مصرح بأنها أربع صلوات، فمن الناس من اعتمد الجمع فقال إن وقعة الخندق بقيت أياماً فكان في بعض الأيام الفائت العصر فقط، وفي بعضها الفائت العصر والظهر، وفي بعضها الفائت أربع صلوات، ذكره النووي وغيره، ومن الناس من اعتمد الترجيح فقال إن الصلاة التي شغل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة وهي العصر ترجيحًا لما في الصحيحين على ما في غيرهما؛ ذكره أبو بكر بن العربي قال ابن سيد الناس والجمع أرجح؛ لأن حديث أبي سعيد رواه الطحاوي عن المزني عن الشافعي حدثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه؛ قال وهذا إسناد صحيح جليل اهـ. (وقد استدل) بأحاديث الباب على وجوب الترتيب بين الفوائت المقضية والمؤادة؛ فأبو حنيفة ومالك والليث والزهري والنخعي وربيعة قالوا بوجوب تقديم الفائتة على خلاف بينهم؛ وقال الشافعي والهادي والقاسم لا يجب؛ ولا ينتهض استدلال الموجبين بالحديث للمطلوب لأن الفعل بمجرده لا يدل على الوجوب. قال الحافظ إلا أن يستدل بمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم (صلوا كما رأيتموني أصلي) فيقوى؛ قال وقد اعتبر ذلك الشافعية في أشياء غير هذه اهـ (وقد استدل) للموجبين أيضاً بأن توقيت المقضية بوقت الذكر أضيق من توقيت المؤداة فيجب تقديم ما تضيق؛ والخلاف في جواز التراخي إنما هو في المطلقات لا المؤقتات المضيقة؛ (وقد اختلف أيضاً) في الترتيب بين المقضيات نفسها فقال بوجوبه زيد بن علي والناصر وأبو حنيفة؛ وقال الشافعي والهادي والإمام يحيى إنه غير واجب وهو الظاهر لأن مجرد الفعل لا يدل على الوجوب إلا أن يستدل بعموم قوله صلى الله عليه وسلم (صلوا كما رأيتموني أصلي) كما سبق ولكنه غير خالص عن شوب اعتراض ومعارضة (وفي أحاديث الباب أيضا) دليل على استحباب قضاء الفوائت في الجماعة؛ وخالف فيه الليث بن سعد والحديث يرد عليه أفاده الشوكاني "قلت" (وفيها أيضا) استحباب الأذان والإقامة للفائتة الأولى والإقامة فقط لكل واحدة بعدها وبه قالت الشافعية والحنفية والحنابلة (فإن قيل) لم يثبت الأذان في كل أحاديث الباب "قلت" أجاب الإمام النووي رحمه الله عن ذلك من وجهين أحدهما لا يلزم من ترك ذكره إنه لم يؤذن؛ فعله أذن وأهمله الراوي أو لم يعلم به (والثاني) لعله ترك الأذان في هذه المرة لبيان جواز تركه وإشارة إلى أنه ليس بواجب متحتم لاسيما في السفر اهـ (وفيها) أيضا دليل على أن صلاة النهار وإن قضيت ليلا لا يجهر فيها لقول أبي سعيد في حديثه فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها؛ وفيها غير ذلك والله أعلم.

الصفحة 311