كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 3)
-[مذاهب العلماء فى حكم الصلاة فى الاماكن المنهى عنها]-
.....
__________
في الحمام مع الطهارة وتكون مكروهة وتمسكوا بعمومات نحو حديث " أينما أدركت الصلاة فصل " وحملوا النهي على حمام متنجس أفاده الشوكاني قال والحق ما قاله الأولون لأن أحاديث المقبرة والحمام مخصصة ذلك للعموم وحكمة المنع من الصلاة في المقبرة قيل هو ما تحت المصلى من النجاسة وقيل لحرمة الموتى وحكمة المنع من الصلاة في الحمام أنه بكثر فيه النجاسات وقيل أنه مأوى الشياطين اهـ (وفي الباب) عن زيد بن جبيرة عن داود بن حصين عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي أعطان الإبل وفوق ظهر بيت الله رواه عبد بن حميد في مسنده وابن ماجه والترمذي وقال اسناده ليس بذاك القوي وقد تكلم في زيد بن جبيرة من قبل حفظه والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضاً) دليل على جواز الصلاة في مرابض الغنم وعلى تحريمها في معاطن الإبل " قال الشوكاني " وإليه (ذهب أحمد بن حنبل) فقال لا تصح بحال وقال من صلى في عطن إبل أعاد أبدا (وسئل مالك) عمن لا يجد إلا عطن إبل قال لا يصلي فيه قيل فإن بسط عليه ثوبا قال لا (وقال ابن حزم لا تحل في عطن إبل وذهب الجمهور) إلى حمل النهى على الكراهة مع عدم النجاسة وعلى التحريم مع وجودها وهذا إنما يتم على القول بأن علة النهي هي النجاسة وذك متوقف على نجاسة أبوال الإبل وإزبالها قال ولو سلمنا النجاسة فيه لم يصح جعلها علة لأن العلة لو كانت النجاسة لما افترق الحال بين أعطانها وبين مرابض الغنم إذ لا قائل بالفرق بين أرواث كل من الجنسين وأبوالها كما قال العراقي وأيضاً قد قيل أن حكمة النهى ما فيها من النفور فربما نفرت وهو في الصلاة فتؤدي إلى قطعها أو أذى يحصل له منها أو تشوش الخاطر الملهى عن الخشوع في الصلاة وبهذا علل النهي أصحاب الشافعي وأصحاب مالك وعلى هذا فيفرق بين كون الإبل في معاطنها وبين غيبتها عنها إذ يؤمن نفورها حينئذ ويرشد إلى صحة هذا حديث ابن مغفل وقد يحتمل أن علة النهي أن يجاء بها إلى معاطنها بعد شروعه في الصلاة فيقطعها أو يستمر فيها مع شغل خاطره وقيل لأن الراعي يبول بينها وقيل الحكمة في النهي كونها خلقت من الشياطين وبدل على هذا أيضاً حديث ابن مغفل السابق وكذا عند النسائي من حديثه وعند أبي داود من حديث البراء وعند ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة إذا عرفت هذا الاختلاف في العلة تبين لك أن الحق الوقوف على مقتضى النهي وهو التحريم كما ذهب إليه أحمد والظاهرية (وأما) الأمر بالصلاة في مرابض الغنم فأمر إباحة ليس للوجوب قال العراقي اتفاقا وإنما نبه على ذلك لئلا يظن أن حكمها حكم الإبل أو أنه أخرج على جواب السائل حين سأله عن الأمرين فأجاب في الإبل بالمنع وفي الغنم بالإذن (وأما) الترغيب المذكور في الأحاديث بلفظ فإنه بركة فهو إنما ذكر لقصد تبعيدها عن حكم