كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 3)

-[مذاهب الأئمة فى حكم الصلاة فى النعلين]-
......
__________
الباب تدل على مشروعية الصلاة في النعال وقد اختلف نظر الصحابة والتابعين في ذلك هل هو مستحب أو مباح أو مكروه؟ فروى عن عمر بإسناد ضعيف إنه كان يكره خلع النعال ويشتد على الناس في ذلك وكذا عن ابن مسعود وكان أبو عمر الشيباني يضرب الناس إذا خلعوا نعالهم وروى عن إبراهيم أنه كان يكره خلع النعال وهذا يشعر بأنه مستحب عند هؤلاء قاله الشوكاني وقال العراقي في شرح الترمذي (وممن كان يفعل ذلك) يعني لبس النعل في الصلاة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وعويمر بن ساعدة وأنس بن مالك وسلمة بن الأكوع وأوس الثقفي ومن التابعين سعيد بن المسيب والقاسم وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله وعطاء بن يسار وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وطاوس وعد جماعة كثيرة (وممن كان لا يصلي فيهما) عبد الله بن عمر وأبو موسى الأشعري قال الشوكاني (وممن ذهب إلى الاستحباب) الهادوية وأن أنكر ذلك عوامهم قال الإمام المهدي في البحر (مسئلة) ويستحب في النعل الطاهر لقوله صلى الله عليه وسلم " صلوا في نعالكم " (قلت) يشير إلى حديث شداد بن أوس عن أبيه عند الطبراني وبقيته " خالفوا اليهود " ورواه أيضاً أبو داود والحاكم وابن حبان بلفظ آخر وتقدم ذكره آنفاً " واستدل من قال بالجواز فقط " لا بالاستحباب بأحاديث الباب التي ليس فيها أمر وبما رواه ابن أبي شيبة باسناده إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نعليه فصلى الناس في نعالهم فخلع نعليه فخلعوا فلما صلى قال من شاء أن يصلي في نعله فليصل ومن شاء أن يخلع فليخلع " قال العراقي وهذا مرسل صحيح الإسناد قال الشوكاني رحمه الله ويجمع بين أحاديث الباب بجعل أبي هريرة وما بعده يعني الأحاديث التي ليس فيها أمر صارفاً للأوامر المذكورة المعللة بالمخالفة لأهل الكتاب من الوجوب إلى الندب لأن التحيير والتفويض إلى المشيئة بعد تلك الأوامر لا ينافي الاستحباب كما في حديث " بين كل اذانين صلاة لمن شاء " وهذا أعدل المذاهب وأقواها عندي اهـ (وقال ابن بطال) الصلاة في النعال والخفاف من الرخص كما قال ابن دقيق العيد لا من المستحبات لأن ذلك يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة وهو وأن كان من ملابس الزينة إلا أن ملامسة الأرض التي تكثر فيها النجاسات قد تقصر عن هذه الرتبة وإذا تعارضت مراعاة مصلحة التحسين التي هي من جلب المصالح ومراعاة إزالة النجاسة التي هي من باب دفع المفاسد قدم دفع المفاسد إلا أن يرد دليل بالحافة بما يتجمل به فيرجع إليه ويترك هذا النظر اهـ (وقال القاضي عياض) الصلاة في النعل رخصة مباحة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وذلك ما لم تعلم نجاسة النعل فإن علمت وكانت نجاسة متقفاً عليها كالدم لم يطهرها إلا الماء وإن كانت مختلفاً فيها كأرواث الدواب وأبوالها ففي تطهيرها بالدلك بالتراب عندنا قولان وأطلق الأوزاعي والنوري أجزاء الدلك (وقال أبو حنيفة) لا يجزئ

الصفحة 108