كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 3)

-[كلام العلماء فى حكم تكبيره الأحرام والخشوع فى الصلاة]-
....
__________
تعظيم الله تعالى كقوله (الرحمن أكبر) (والله أجل) أو أعظم وخالفه جمهور العلماء من السلف والخلف والحكمة في ابتداء الصلاة بالتكبير افتتاحها بالتنزيه والتعظيم لله تعالى ونعته بصفات الكمال والله أعلم (قلت) احتج الجمهور على وجوب تكبيرة الإحرام وكونها بلفظ التكبير بحديث الباب وبأنه صلى عليه وآله وسلم لم ينقل عنه أنه تركها أو تلفظ بغير التكبير وبحديث المسئ صلاته عند مسلم والإمام أحمد وغيرهما بلفظ " فإذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر " وعند الجماعة من حديثه بلفظ (إذا قمت إلى الصلاة فكبر) وقد تقرر أن حديث المسئ هو المرجع في معرفة واجبات الصلاة وأن كل ما هو مذكور فيه واجب وما خرج عنه وقامت عليه أدلة تدل على وجوبه ففيه خلاف ويدل للشرطية حديث رفاعة في قصة المسئ صلاته عند أبي داود بلفظ " لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء مواضعه ثم يكبر " ورواه الطبراني بلفظ " ثم يقول الله أكبر " قال الشوكاني والاستدلال بهذا على الشرطية صحيح أن كان نفي التمام يستلزم نفي الصحة وهو الظاهر لأنا متعبدون بصلاة لا نقصان فيها فالناقصة غير صحيحة ومن ادعى صحتها فعليه البيان اهـ (وفي أحاديث الباب أيضاً) مشروعية الخشوع في الصلاة قال الحافظ والخشوع تارة يكون من فعل القلب كالخشية وتارة يكون من فعل البدن كالسكون وقيل لا بد من اعتبارهما حكاه الفخر الرازي في تفسيره وقال غيره هو معنى يقوم بالنفس يظهر عنه سكون في الأطراف يلائم مقصود العبادة ويدل على أنه من عمل القلب حديث على (الخشوع في القلب) أخرجه الحاكم وأما حديث " لو خشع هذا خشعت جوارحه " ففيه إشارة إلى أن الظاهر عنوان الباطن (قال) وقد حكى النووي الإجماع على أن الخشوع ليس بواجب ولا يرد عليه قول القاضي حسين أن مدافعة الأخبثين إذا انتهت إلى حد يذهب معه الخشوع أبطلت الصلاة وقال أيضاً أبو زيد المروزي لجواز أن يكون بعد الإجماع السابق أو المراد بالإجماع أنه لم يصرح أحد بوجوبه وكلاهما في أمر يحصل من مجموع المدافعة وترك الخشوع وفيه تعقب على من نسب إلى القاضي وأبى زيد أنهما قالا أن الخشوع شرط في صحة الصلاة وقد حكاه المحب الطبري وقال هو محمول على أن يحصل في الصلاة في الجملة لا في جميعها والخلاف في ذلك عند الحنابلة أيضاً وأما قول ابن بطال فإن قال قائل فإن الخشوع فرض في الصلاة قيل له بحسب الإنسان أن يقبل على صلاته بقلبه ونيته يريد بذلك وجه الله عز وجل ولا طاقة له بما اعترضه من الخواطر فحاصل كلامه أن القدر المذكور هو الذي يجب من الخشوع وما زاد على ذلك فلا وأنكر ابن المنير إطلاق الفرضية وقال الصواب

الصفحة 163