كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 3)

قال ومذهب كافة العلماء أنه يكرر قوله قد قامت الصلاة إلا مالكا فإن المشهور عنه أنه لا يكررها (وذهب الشافعي) في قديم قوليه إلى ذلك, قال النووي ولنا قول شاذ أنه يقول في التكبير الأول الله أكبر مرة وفي الأخيرة مرة ويقول قد قامت الصلاة مرة, قال ابن سيد الناس وقد ذهب إلى القول بأن الإقامة إحدى عشرة كلمة عمر بن الخطاب وابنه وأنس والحسن البصري والزهري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور ويحيى بن يحيى وداود وابن المنذر, (وذهبت) الحنفية والهادوية والثوري وابن المبارك وأهل الكوفة إلى أن ألفاظ الإقامة مثل الأذان عندهم مع زيادة قد قامت الصلاة مرتين واستدلوا بما في روايات أبي محذورة عند الإمام أحمد وغيره وبما في رواية من حديث عبد الله بن زيد عند الترمذي وأبي داود بلفظ «كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا شفعا في الأذان والإقامة» قال الحافظ وحديث أبي محذورة في تثنية الإقامة مشهور عند النسائي وغيره اهـ وساقه الحازمي في الناسخ والمنسوخ وذكر فيه الإقامة مرتين مرتين وقال هذا حديث حسن على شرط أبي داود والترمذي والنسائي (قلت) وصححه الترمذي وغيره, وهو متأخر عن حديث بلال الذي فيه الأمر بإيتار الإقامة لأنه بعد فتح مكة لأن أبا محذورة من مسلمة الفتح وبلال أمر بإفراد الإقامة أول ما شرع الأذان فيكون ناسخاً, وقد روى أبو الشيخ أن بلالا أذن بمنى ورسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مرتين مرتين وأقام مثل ذلك, إذا عرفت هذا تبين لك أن أحاديث تثنية الإقامة صالحة للاحتجاج بها لما أسلفنا, وأحاديث إفراد الإقامة وإن كانت أصح منها لكثرة طرقها وكونها في الصحيحين لكن أحاديث التثنية مشتملة على الزيادة فالمصير إليها لازم لاسيما مع تأخر تاريخ بعضها كما عرفناك,
(وقد ذهب) بعض أهل العلم إلى جواز إفراد الإقامة وتثنيتها, قال أبو عمر بن عبد البر: ذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود بن علي ومحمد بن جرير إلى إجازة القول بكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وحملوه على الإباحة والتخيير, قالوا كل ذلك جائز لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جميع ذلك وعمل به أصحابه فمن شاء قال الله أكبر أربعا في الأذان, ومن شاء ثنى الإقامة ومن شاء أفردها إلا قوله قد قامت الصلاة فإن ذلك مرتان على كل حال أفاده الشوكاني (قلت) وفي أحاديث الباب أيضا مشروعية التفات المؤذن يمينا وشمالا حال الأذان ووضع أصبعيه في أذنيه وتقدم الكلام على الحكمة في ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم.

الصفحة 26