كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 4)

-[مذهب العلماء في حكم القصر بين الشفع والوتر وصلاة ركعتين بعد الوتر]-.
.....
__________
إمام الحرمين وغيره أنه يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله على أوجه من أعداد من الركعات، فدل على عدم انحصاره، وأجاب الجمهور على هذا بأن اختلاف الأعداد إنما هو فيما لم يجاوز، قال وإذا أوتر بإحدى عشرة فما دونها فالأفضل أن يسلم من كل ركعتين للأحاديث الصحيحة، قال وإذا أراد الإتيان بثلاث ركعات ففي الأفضل أوجه، الصحيح أن الأفضل أن يصليها مفصولة بسلامين لكثرة الأحاديث الصحيحة فيه (قلت) منها حديثاً ابن عمر وعائشة اللذان في الفصل الأخير من الباب (وإليه ذهب الإمام أحمد) قال ولكثرة العبادات فإنه تتجدد النية ودعاء التوجه والدعاء في آخر الصلاة والسلام وغير ذلك (والثاني) إن وصلها بتسليمة واحدة أفضل قاله الشيخ أبو زيد المروزي للخروج من الخلاف فإن أبا حنيفة رحمه الله لا يصحح المفصولة (والثالث) إن كان منفرداً فالفصل أفضل، وإن كان إماماً فالوصل حتى تصح صلاته لكل المقتدين (والرابع) عكسه حكاه الرافعي، ثم إن أوتر بركعة نوى بها الوتر، وإن أوتر بأكثر واقتصر على تسليمة نوى الوتر أيضاً، وإذا فصل الركعتين بالسلام وسلم من كل ركعتين نوى بكل ركعتين ركعتين من الوتر هذا هو المختار، وله أن ينوي غير هذا أهـ بتصرف واختصار (وفي أحاديث الباب أيضاً) مشروعية صلاة ركعتين بعد الوتر وهو جالس لما ذكر في أحاديث الباب عن أبي أمامة وعائشة وأم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يركع ركعتين بعد الوتر وهو جالس) وقد أخذ بظاهرها الأوزاعي والإمام أحمد فيما حكاه القاضي عياض عنهما وأباحا ركعتين بعد الوتر جالساً قال الإمام أحمد لا أفعله ولا أمنع من فعله قال وأنكره مالك (قال النووي رحمه الله) والصواب أن هاتين الركعتين فعلهما صلى الله عيه وسلم لبيان الجواز ولم يواظب على ذلك، بل فعله مرة أو مرات قليلة. قال ولا يغتر بقولها كان يصلي فإن المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من الأصوليين أن لفظة كان لا يلزم منها الدوام ولا التكرار، وإنما هي فعل ماض تدل على وقوعه مرة فإن دل دليل عمل به وإلا فلا تقتضيه بوضعها، وقد قالت عائشة كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد أن صحبته عائشة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع، قال ولا يقال لعلها طيبته في إحرامه بعمرة لأن المعتمر لا يحل له الطيب قبل الطواف بالإجماع، فثبت أنها استعملت كان في مرة واحدة، قال وإنما تأولنا حديث الركعتين لأن الروايات المشهورة في الصحيحين مصرحة بأن آخر صلاته صلى الله عليه وسلم في الليل كانت وتراً (وفي الصحيحين) أحاديث كثيرة مشهورة بالأمر يجعل آخر صلاة الليل وتراً فكيف يظن به صلى الله عليه وسلم مع هذه الأحاديث وأشباهها أنه يداوم على ركعتين بعد الوتر ويجعلها آخر صلاة الليل، قال وأما ما أشار إليه القاضي عياض من ترجيح الأحاديث المشهورة ورد

الصفحة 303