كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 4)

-[مذاهب الأئمة في حكم صلاة الوتر على الراحلة]-.
.....
__________
على الراحلة فإذا أراد أن يوتر نزل وهو قول بعض أهل الكوفة أهـ (قلت) ومنهم أبو حنيفة رحمه الله (قال محمد بن نصر) في قيام الليل بعد رواية حديث ابن عمر وابن عباس والآثار المذكورة ما لفظه، وزعم النعمان يعني أبا حنيفة رحمه الله أن الوتر على الدابة لا يجوز خلافاً لما روينا، واحتج بعضهم له بحديث عن ابن عمر أنه نزل عن دابته فأوتر بالأرض، فيقال لمن احتج بذلك هذا ضرب من الغفلة، هل قال أحد إنه لا يحل للرجل أن يوتر بالأرض؟ إنما قال العلماء لا بأس أن يوتر على الدابة وإن شاء أوتر على الأرض، وكذلك كان ابن عمر يفعل، ربما أوتر على الأرض، وعن نافع أن ابن عمر كان ربما أوتر على راحلته وربما نزل، وفي رواية كان يوتر على راحلته وكان ربما نزل أهـ وقال صاحب التعليق الممجد (من الحنفية) أخذ أصحابنا بالآثار الواردة بنزول ابن عمر رضي الله عنهما للوتر وشيدوه بالأحاديث المرفوعة الواردة في نزوله صلى الله عليه وسلم للوتر، وقال المجوزون لأدائه على الدابة أنه لا تعارض ههنا إذ يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين، فأحياناً أدى الوتر على الدابة؛ وأحياناً على الأرض وقد اقتدى به ابن عمر، ويؤيده ما أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار عن مجاهد عن محمد بن إسحاق عن نافع قال (كان ابن عمر يوتر على الراحلة وربما نزل فأوتر على الأرض، وقال الطحاوي بعد ما أخرج آثار الطرفين، الوجه في ذلك عندنا قد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على الراحلة قبل أن يحكم بالوتر ويغلظ أمره ثم أحكم بعد ولم يرخص في تركه، ثم أخرج حديث (إن الله أمدكم بصلاة هي خير من حمر النعم؛ ما بين صلاة العشاء إلى الفجر الوتر الوتر) من حديث خارجة وأبي بصرة، ثم قال فيجوز أن يكون ما روى ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وتره على الراحلة من قبل تأكيده إياه ثم نسخ ذلك (وفيه نظر لا يخفى) إذ لا سبيل إلى إثبات الفسخ بالاحتمال ما لم يعلم ذلك بنص وارد في ذلك أهـ (قلت) وهذا التعقب وجيه جداً لأنه صدر من منصف لا يتعصب لمذهبه بل يقف عند حد النص، أكثر الله من مثل هؤلاء العلماء المنصفين ونفع بهم الإسلام والمسلمين آمين، إذا علمت ذلك فالذي يستفاد من أحاديث الباب والنصوص الكثيرة الصحيحة والآثار الواردة عن الصحابة والتابعين ومذاهب جمهور العلماء المجتهدين جواز صلاة الوتر على الراحلة حيث توجهت به كسائر النوافل، وقد أفرط باباً مخصوصاً للأحاديث الواردة في ذلك، وهو الباب الرابع من أبواب استقبال القبلة، يتلوه باب في الرخصة في صلاة الفرض على الراحلة لعذر، وتقدم ذلك كله مع شرحه وبيان مذاهب الأئمة فيه هناك، وأخرت الأحاديث المصرح فيها بصلاة الوتر على الراحلة هنا لمناسبة أبواب

الصفحة 314