كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 4)
__________
شرط البخاري ومسلم، وقال آخرون: هو ضعيف، وكذا قال البغوي في (شرح السنة): في إسناده مقال، وقال الترمذي: لا نعرفه مرفوعًا من هذا الوجه. قال النووي: واتفق أصحابنا في كتب المذهب على تضعيفه. اهـ. ج. قال الحافظ في (التلخيص): وروى ابن حبان في صحيحه وأبو العباس السراج في مسنده عن عائشة من وجه آخر شيئًا من هذا، أخرجاه من طريق زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة فذكر نحو رواية الإمام أحمد. وقال: إسناده على شرط مسلم. اهـ. قلت: وبهذا تعرف عدم صحة قول العقيلي: «ولا يصح في تسليمة واحدة شيء» وتقدمت الإشارة إلى ذلك. وفي الباب عند الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين الشفع والوتر بتسليمة يسمعناها» وسيأتي في باب الوتر بركعة الخ. من أبواب الوتر. وهو وحديث عائشة المذكور في الباب ليسا صريحين في الاقتصار على التسليمة الواحدة، فعائشة تقول: إنه صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة يوقظهم بها ولم تنف الأخرى بل سكتت عنها، وليس سكوتها عنها مقدمًا على رواية من حفظها وضبطها وهم أكثر عددًا وأحاديثهم أصح، وكذا يقال في حديث ابن عمر. قال أبو عمر بن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم تسليمة واحدة من حديث سعد بن أبي وقاص ومن حديث عائشة ومن حديث أنس إلا أنها معلولة ولا يصححها أهل العلم بالحديث. اهـ باختصار. (الأحكام) احتج بحديث علي رضي الله عنه القائلون بوجوب التسليم، لأن الإضافة في قوله «وتحليلها» تقتضي الحصر، فكأنه قال جميع تحليلها التسليم، أي انحصر تحليلها في التسليم لا تحليل لها غيره، وإليه ذهب أكثر العترة والشافعي ومالك وأحمد وغيرهم. وتقدم كلام النووي رحمه الله أنه مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم محتجين بحديث الباب. قال الشوكاني: وهو لا ينتهض للاحتجاج به إلا بعد تسليم تأخره عن حديث المسيء، لأنه لا يثبت الوجوب إلا بما علم تأخره عنه، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بالإجماع لا سيما وقد ثبت في بعض الروايات «فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك» إذا عرفت هذا تبين لك أن هذا الحديث لا يكون حجة يجب التسليم لها إلا بعد العلم بتأخره. اهـ. وذهب إلى عدم وجوب السلام أبو حنيفة والناصر، وروى ذلك الترمذي عن أحمد وإسحاق بن راهويه، ورواه أيضًا عن بعض أهل العلم. قال العراقي: وروي عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما. واحتج بحديث عائشة رضي الله عنها القائلون بمشروعية تسليمة واحدة، وهم ابن عمر وأنس وسلمة بن الأكوع وعائشة رضي الله عنهم والحسن وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي وكثيرون. وذهب الجمهور إلى مشروعية التسليمتين، وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفى في الباب الأول فارجع إليه والله أعلم.