كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

ومع عثمان رضي الله عنه صدر إمارته قال يونس ركعتين إلاَّ المغرب، ثمَّ إنَّ عثمان رضى الله عنه صلَّي بعد ذلك أربعًا
__________
(1) أي أول إمارته، وقد جاء فى حديث ابن عمر عند مسلم ثمانى سنين أو ست سنين (قال النووى) وهذا هو المشهور أن عثمان أتم بعد ست سنين من خلافته، وتقدم فى أحكام الباب الذى قبل السابق أن جماعة أنكروا على عثمان لما أتم بمنى وتأولوا له تأويلات، (قال ابن القيم) أحسنها أنه كان قد تأهل بمنى، والمسافر اذا أقام فى موضع وتزوج فيه أو كان له به زوجة أتم، وسيأتى حديث عثمان أنه قال للذين أنكروا عليه أيها الناس لما قدمت تأهلت بها وإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اذا تأهل رجل ببلد فليصل به صلاة مقيم" (تخريجه) (د. مذ) مختصرًا والطبرانى وابن شيبة فى مصنفه وإسحاق بن راهويه والبزار وأخرجه البيهقى أيضا بنحو حديث الباب وحسنه الترمذى، وفى إسناده على بن زيد بن جدعان ضعيف، قال الحافظ فى التلخيص إنما حسن الترمذى حديثه لشواهده ولم يعتبر الاختلاف فى المدة كما عرف من عادة المحدثين من اعتبارهم الأتفاق على الأسانيد دون السياق اهـ والله أعلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن من أقام لقضاء حاجة مترددًا ولم يجمع إقامة يقصر الصلاة عشرين يومًا، لأن هذه المدة غاية ما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم، والأثر الصحيح المروى عن ابن عمر فى الباب أنهم كانوا بأذربيجان يصلون ركعتين أربعة أشهر أو شهرين يدل على القصر هذه المدة ما دام مترددًا، بل رواه البيهقى كما قال الحافظ بسند صحيح أن ابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة (وقد اختلف العلماء فى ذلك) فذهب الهادى والقاسم والأمامية الى أن من لم يعزم إقامة مدة معلومة كمنتظر الفتح يقصر الى شهر ويتم بعده، واستدلوا بقول على رضى الله عنه أنه قال "يتم الذى يقيم عشرًا والذى يقول اليوم أخرج، غدا أخرج، يقصر شهرًا" قالوا وهو توقيف، ورده المخالفون بأنه من مسائل الاجتهاد (وذهب الشافعية) فى الأصح عندهم أنه يقصر الى ثمانية عشر يومًا (وقال أبو حنيفة ومالك واحمد والشافعى) فى رواية يقصر أبدًا لأن الأصل السفر، ولأثر ابن عمر، قالوا وما روى من قصره صلى الله عليه وسلم فى مكة وتبوك دليل لهم لا عليهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قصر مدة إقامته ولا دليل على التمام فيما بعد تلك المدة، ويؤيد ذلك ما أخرجه البيهقى عن ابن عباس "أن النبى صلى الله عليه وسلم أقام بحنين أربعين يومًا يقصر الصلاة" ولكنه قال تفرد به الحسن بن عمارة وهو غير محتج به، وروى عن ابن عمر وأنس أنه يتم بعد أربعة أيام (قال الشوكانى) والحق أن الأصل فى المقيم الأتمام لأن القصر لم يشرعه

الصفحة 114