كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

__________
على أنه ليس للمغرب إلا وقت واحد، والمختار عنه خلافه وهو أن وقتها يمتد الى العشاء، وعلى هذا فالاحتمال قائم (ومنها) أن الجمع المذكور صورى بأن يكون أخَّر الظهر الى آخر وقتها وعجل العصر فى أول وقتها (قال النووى) وهذا احتمال ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل (قال الحافظ) وهذا الذى ضعفه قد استحسنه القرطبى. ورجحه إمام الحرمين. وجرم به من القدماء بن الماجشون والطحاوى. وقواه ابن سيد الناس بأن الشعثاء وهو روا الحديث عن ابن عباس قد قال به (قال الحافظ أيضا) ويقوى ما ذكر من الجمع الصورى أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرض لوقت الجمع، فاما أن يحمل على مطلقها فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر، وإما أن يحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإخراج، ويجمع بين مفترق الأحاديث، فالجمع الصورى أولى والله أعلم اهـ (قال الشوكانى) ومما يدل على تعيين حمل أحاديث الباب على الجمع الصورى ما أخرجه النسائى عن ابن عباس بلفظ "صليت مع النبى صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جيمعا والمغرب والعشاء جميعا أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء" فهذا ابن عباس راوى حديث الباب قد صرح بأن ما رواه من الجمع المذكور هو الجمع الصورى، ومما يؤيد ذلك ما رواه الشيخان عن عمرو بن دينار (قلت هو أحد أحاديث الباب) أنه قال يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء قال وأنا أظنه، وأبو الشعثاء هو راوى الحديث عن ابن عباس كما تقدم (قال) ومن المؤيدات للحمل على الجمع الصورى ما أخرجه مالك فى الموطأ والبخارى وأبو داود والنسائى (قلت والأمام أحمد وتقدم) عن ابن مسعود قال "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين، جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة مع أنه ممن روى حديث الجمع بالمدينة كما تقدم، وهو يدل على أن الجمع الواقع بالمدينة صورى، ولو كان جمعا حقيقيا لتعارض روايتاه، والجمع ما أمكن المصير اليه هو الواجب (ومن المؤيدات) للحمل على الجمع الصورى أيضا ما أخرجه ابن جرير عن ابن عمر قال "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يؤخر الظهر ويعجل العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء فيجمع بينهما" وهذا هو الجمع الصورى، وابن عمر هو ممن روى جمعه صلى الله عليه وسلم بالمدينة كما أخرج ذلك عبد الرزاق عنه، وهذه الروايات معينة لما هو المراد بلفظ جمع لما تقرر فى الأصول من أن لفظ جمع بين الظهر والعصر لا يعم وقتها كما فى مختصر المنتهى وشروحه والغاية وشرحها وسائر كتب الأصول بل مدلول لغة الهيئة الاجتماعية، وهى موجودة فى جمع التقديم والتأخير والجمع الصورى، إلا أنه لا يتناول جميعها ولا

الصفحة 133