كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)
(3) باب من قدر على القيام بمشقة فى الفرض أو النفل
(1283) (وصلى قاعدا فصلانه على النصف من صلاة القائم)
عن انس بن مالكٍ رضى اّلله عنه قال قدم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينة
__________
الاضطجاع، واستدل به من قال لا ينتقل المريض بعد عجزه عن الاستلقاء إلى حالة أخرى كالأشارة بالرأس ثم الايماء بالطرف ثم أجراء القرآن والذكر على اللسان ثم على القلب لكون جميع ذلك بم يذكر فى الحديث، وهو قول (الحنفية والمالكية وبعض الشافعية) وقال بعض الشافعية "قلت والحنابلة" بالترتيب المذكور وجعلوا مناط الصلاة حصول العقل فحيث كان حاضر العقل لا يسقط عنه التكليف بها فيأتى بما يستطيعه بدليل قولى صلى الله عليه وسلم "اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" اه (قلت) لم يبين فى أحاديث الباب كيفية القعود فيأخذ من اطلاقه جوازه على أى صفة شاء المصلى، واختلفوا فى الأفضل من ذلك، فذهب الأئمة (مالك واحمد واسحاق وابو يوسف) الى أنه يصلى متربعًا، وقال (ابو حنيفة والمزنى وزفر) الافتراش أفضل، وهو موافق لقول الشافعى فى مختصر المزنى وصححه الرافعى (قال النووى) وللشافعى قولان أظهرهما يقعد مفترشًا والثانى متربعًا (وفى أحاديث الباب أيضًا) دليل للقائلين إن المأموم يتابع الأمام فى الصلاة قاعدًا وإن لم يكن المأموم معذورا، وممن قال بذلك الأمام أحمد رحمه الله وإسحاق والأوزاعى وابن المنذر وأهل الظاهر (قال النووى) وقال مالك رحمه الله تعالى فى رواية لا يجوز صلاة القادر على القيام خلف القاعد لا قائما ولا قاعدا (وقال أبو حنيفة والشافعى) وجمهور السلف رحمهم الله تعالى لا يجوز للقادر على القيام أن يصلى خلف القاعد إلا قائما؛ واحتجوا بأن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى مرض وفاته بعد هذا قاعدا وأبو بكر رضى الله عنه والناس خلفه قيامًا وإن كان بعض العلماء زعم أن أبا بكر رضى الله عنه كان هو الأمام والنبى صلى الله عليه وسلم مقتد به، لكن الصواب أن النبى صلى الله عليه وسلم كان هو الأمام، واستدل النووى رحمه الله لذلك بما فى حديث عائشة عند مسلم قالت "فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبى بكر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى جالسا وأبو بكر قائما، يقتدى أبو بكر بصلاة النبى صلى الله عليه وسلم ويقتدى الناس بصلاة أبى بكر" وفى المسألة خلاف كثير سيأتى الكلام فيه فى باب اقتداء المسافر بالمقيم، والقادر على القيام بالجالس من أبواب الجماعة إن شاء الله تعالى والله الموفق (1273) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن بكر قال ثنا ابن جريج قال قال ابن شهاب أخبرنى أنس بن مالك قال قدم النبى صلى الله عليه وسلم