كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)
العتمة وصلاة الصبُّح لأتوهما ولو حبوًا
عن أبى بن كعبٍ رضى الله عنه أنَّه قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبُّح فقال شاهدٌ فلانٌ؟ فقالوا لا، فقال شاهدٌ فلانٌ؟ فقالوا لا، فقال شاهدٌ فلانٌ؟ فقالوا لا، إنَّ هاتين الصَّلاتين من أثقل الصَّلوات على المنافقين ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، والصَّفُّ المقدَّم على
__________
(غريبه) (1) بفتح العين المهملة والتاء المثناة من فوق، وقت صلاة العشاء الآخرة، وأطلق اسم العتمة على العشاء نفسها، وقال الخليل هى بعد غيبوبة الشفق، وأعتم اذا دخل فى العتمة، والعتمة الأبطال أعتم الشئ وعتمه اذا أخره، وعتمت الحاجة وأعتمت إذا تأخرت، والمعنى لو يعلم الناس ما فى صلاتى العشاء والصبح من الفضل العظيم والثواب الجسيم لأتوا لصلاتهما جماعة فى المسجد (وقوله ولو حبوا) أى يزحفون اذا منعهم مانع كمرض أو ضعف عن المشى كما يزحف الصغير، ولابن أبى شيبة من حديث أبى الدرداء "ولو حبوا على المرافق والركب" وذلك لمزيد فضلها (تخريجه) (جه) وفى اسناده يحيى بن كثير لين الحديث
(1299) عن أبىّ بن كعب (سنده) حدّثنا عبد الله أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة سمعت أبا إسحاق أنه سمع عبد الله بن أبى بصير يحدث عن أبىّ بن كعب أنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (2) يعنى أحاضر صلاتنا فلان وهو بحذف همزة الاستفهام وثبتت فى رواية أبى داود ففيها (أشاهد فلان) الخ وأبهم أسماء هؤلاء النفر إما لأن أبيًّا لم يعرفها أو لأنه أراد التستر (3) يعنى العشاء والصبح كما صرح بذلك فى الطريق الثانية، وصرح بذلك أيضا فى رواية أخرى من حديث أبى هريرة عند الشيخين والأمام احمد وستأتى (4) فى رواية عند البخارى من حديث أبى هريرة "ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء" وهي تدل على أن الصلاة كلها ثقيلة على المنافقين كما جاء فى التنزيل (ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى) وإنما كانت العشاء والفجر أثقل عليهم من غيرها لقوة الداعى الى تركهما، وهو ان العشاء تكون فى وقت السكون والراحة، والصبح فى وقت لذة النوم، وقيل وجهه أن المؤمنين يفوزون بما ترتب عليهما