كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)
__________
على صلاته فى بيته وصلاته فى موقه بضعًا وعشرين درجة" قال ما لفظه وهذا الحديث يرد على من أبطل صلاة المنفرد لغير عذر وجعل الجماعة شرطا، لأن المفاضلة بينهما تستدعى صحتهما، وحمل النص على المنفرد لعذر لا يصح، لأن الأحاديث قد دلت على أن أجره لا ينقص عما يفعله لولا العذر، فروى أبو موسى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "اذا مرض العبد أو سافر كتب الله له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا" رواه احمد والبخارى وأبو داود (وعن أبى هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من توضأ فأحسن الوضوء ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا" رواه احمد وأبو داود والنسائى اهـ كلام صاحب المنتقى (قال الشوكانى) استدل المصنف (يعنى صاحب المنتقى) بهذين على ما ذكره من عدم صحة حمل النص على المنفرد لعذر، لأن أجره كأجر المجمع أهـ (وقال صاحب حجة الله البالغة) الجماعة سنة مؤكدة تقام اللائمة على من تركها لأنها من شعائر الدين، لكنه صلى الله عليه وسلم رآى من بعض من هنا لك تأخيرًا واستبطاء وعرف ان سببه ضعف النية فى الأسلام، فشدد النكير عليهم وأخاف قلوبهم، ثم لما كان فى شهود الجماعة حرج للضعيف والسقيم وذى الحاجة اقتضت الحكمة ان يرخص فى تركها عند ذلك ليتحقق العدل بين الأفراط والتفريط أهـ (وفى أحاديث الباب أيضا) أنه لا بأس بالحلف فيما يريد المخبر ان يخبر به للتأكيد (وفيها) أن لا بأس للأمام أن يستنيب عنه فى الأمامة لحاجة تعرض له وهو كذلك (وفيها) جواز العقوبة بالمال أخذًا من قوله فأحرق عليهم بيوتهم واليه ذهب الأمام احمد (وذهب الجمهور) الى أن العقوبات منسوخة بالمال بنهيه عن إضاعة المال ونحو ذلك، وقد يقال هذا من باب ما لغا يتم الواجب الا به، لأنهم قد يختفون فى مكان لا يعلم فأراد التوصل اليهم بتحريق البيوت، وفى ذلك من التأكيد والحض على صلاة الجماعة والتهديد لمن تركها مالا يخفى (فان قيل) كيف يهم النبى صلى الله عليه وسلم بتحريق من تخلف عن الجماعة بالنار، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم النهى عن التعذيب بها فيما رواه البخارى وأبو داود والترمذى والنسائى والأمام احمد أيضًا (وسيأتى فى موضعه) من حديث أبى هريرة قال "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعث فقال ان وجدتم فلانا وفلانًا فأحرقوهما بالنار، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الرواح إنى أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانا وان النار لا يعذب بها إلا الله، فان وجدتموها فاقتلوهما" (وعن عكرمة) قال أتى علىّ رضى الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تعذبوا بعذاب الله" أو لقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "من بدل دينه فاقتلوه" رواه (خ. د. نس. مذ) وزاد الترمذى فبلغ ذلك عليًا فقال صدق ابن عباس (ولأبي داود)