كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

__________
فلو قال المؤذن حى على الصلاة لكلفتهم المجئ اليها ولحقتكم المشقة (وقوله كرهت أن أحرجكم) قال النووى هو بالحاء المهملة من الحرج وهو المشقة هكذا ضبطناه، وكذا نقله القاضى عياض عن رواياتهم (وقوله فى الطين والدحض) باسكان المهملة وبعدها ضاد معجمة الزلق اهـ وقد ذكر النووى للدحض معان أخرى اقتصرت على الزلق لأنه اشهرها (وعن أنس ابن مالك) رضى الله عنه ان النبى صلى الله عليه وسلم قال "اذا قدم العشاء فابدؤا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم" رواه البخارى والأمام أحمد أيضا (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية التخلف عن الجماعة والجمعة والترخيض فى ذلك عند حصول المطر وشدة البرد والريح، وتقدم تفصيل ذلك فى خلال الشرح، قال ابن بطال أجمع العلماء على أن التخلف عن الجماعة فى شدة المطر والظلمة والريح وما أشبه ذلك مباح اه (قلت) وهذا لا ينافى أنها متأكدة اذا لم يكن ثم عذر، وأنها مشروعة لمن تكلف الأتيان اليها وتحمَّل المشقة، لقوله فى حديث جابر "ليصلى من شاء منكم فى رحله" (وفيها أيضا) أن صلاة الجماعة مشروعة فى السفر، وكذلك الاذان، وأن النداء بقوله "صلوا فى رحالكم" مشروع فى آخره لحديث ابن عمر الذى فى أول الباب، وفيه ثم قال فى آخر ندائه "ألا صلوا فى رحالكم" وكذلك عند مسلم، وفى رواية للبخارى ثم يقول على أثره يعنى أثر الأذان " ألا صلوا فى الرحال" وهو صريح فى أن القول المذكور كان بعد فراغ الأذان (قال القرطبى) يحتمل أن يكون المراد فى آخره قبل الفراغ منه جمعا بينه وبين حديث ابن عباس أى الذى ذكرناه آنفا وفيه "فلا تقل حى على الصلاة قل صلوا فى بيوتكم" وحمل ابن خزيمة حديث ابن عباس على ظاهره وقال انه يقال ذلك بدلا من الحيعلة نظرًا الى المعنى، لأن معنى حى على الصلاة هملوا اليها، ومعنى الصلاة فى الرحال تأخروا عن المجئ، فلا يناسب إيراد اللفظين معا، لأن أحدهما نقيض الآخر (قال الحافظ) ويمكن الجمع بينهما ولا يلزم منه ما ذكر بأن يكون معنى الصلاة فى الرحال رخصة لمن أراد أن يترخص، ومعنى هلموا الى الصلاة ندب لمن أراد ان يستكمل الفضيلة ولو بحمل المشقة، ويؤيد ذلك حديث جابر عند مسلم (قلت تقدم فى أحاديث الباب) قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمطرنا، فقال ليصل من شاء منكم فى رحله اهـ (وقال الحافظ ولى الدين أبو زرعة العراقى) فى طرح التثريب (وفيها) أن الأعذار المذكورة رخصة فى مطلق الجماعة، سواء فيها الجمعة وغيرها، وقد صرح فى حديث ابن عباس أنه فى يوم جمعة ولم يفرق أصحابنا فى أصحاب الاعذار بين الجمعة والجماعة إلا ما حكاه صاحب العدة عن أئمة طبرستان أنهم أفتوا أن الوحل الشديد عذر فى الجماعة دون الجمعة، والصحيح أنه عذر فيهما معًا، ومن فرق بينهما محجوج بحديث ابن عباس

الصفحة 191