كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

__________
وهو متفق عليه من رواية عبد الله بن الحارث فذكرا الحديث وقال فى بعض طرقه إن الجمعة عزمة وإنى كرهت أن أخرجكم فتمشوا فى الطين والدحض قال (وفيها) حجة على رواية مالك حيث ذهب الى أن المطر والوحل ليسا بعذر فى الجمعة، وعنه رواية أن المطر الشديد والوحل عذر فيها (وقال احمد بن حنبل) إن المطر الوابل عذر، وقيد أصحابنا الوحل بالشديد وأطلق أكثرهم المطر ولم يقيدوه بالشديدن وقيد بعضهم بما يحصل به أذى، وقد أطلق المطر فى حديث ابن عباس لكن فى بعض طرقه عند البخارى أن ابن عباس قال "كرهت أن أؤثمكم فتحيئون تدوسون الطين الى ركبكم" فهذا يدل على شدة الوحل والمطر، لكن يجوز أن يكون بعد انقطاع المطر وهو الظاهر من سياق الحديث اهـ (وفيها أيضا) مشروعية تقديم العشاء (بفتح العين المهملة) اذا حضر سواء كان محتاجًا اليه أم لا، وسواء كان خفيفا أم لا، وسواء خشى فساد الطعام أم لا، وخالف الغزالى فزاد فيه خشية فساد الطعام الطعام، والشافعية فزادوا قيد الاحتياج اليه، ومالك فزاد قيد أن يكون الطعام خفيفا وقد ذهب الى الأخذ بظاهر الأحاديث (ابن حزم والظاهرية) ورواه الترمذى عن أبى بكر وعمر وابن عمر وأحمد وإسحاق، ورواه العراقى عن العراقى عن الثورى فقال يجب تقديم الطعام، وجزموا ببطلان الصلاة اذا قدمت (وذهب الجمهور) الى الكراهة، وظاهرا الأحاديث أيضا أنه يقدم الطعام وإن خشى خروج الوقت، واليه ذهب ابن حزم، وذكره أبو سعيد المتولى وجها للشافعية (وذهب الجمهور) الى أنه اذا ضاق صلى على حاله محافظة على الوقت ولا يجوز تأخيرها، قالوا لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا نفوته لأجله، وظاهر قوله فى حديث ابن عمر عند البخارى (ولا تعجل حتى تفرغ) أنه يستوفى حاجته من الطعام بكمالها، وهو يرد ما ذكره بعض الشافعية فى أنه يقتصر على تناول لقيمات يكسر بها سورة الجوع (قال النووى) وهذا الحديث صريح فى إبطاله اهـ وقد ألحق بالطعام ما يحصل بتأخيره تشويش الخاطر بجامع ذهاب الخشوع الذى هو روح الصلاة (وقوله) فى حديث عائشة وابن عمر (إذا وضع العشاء) دليل على اعتبار الحضور الحقيقى (قال الشوكانى) ومن نظر إلى المعنى من أهل القياس لا يقصر الحكم على الحضور بل يقول به عند وجود المعنى، وهو التشوق الى الطعام، ولا شك أن حضور الطعام مؤثر لزيادة الاشتغال به والتطلع اليه، ويمكن أن يكون الشارع قد اعتبر هذه الزيادة فى تقديم الطعام، وقد تقرر فى الأصول أن محل النص إذا اشتمل على وصف يمكن أن يكون معتبرًا لم يلغ؛ قال ابن دقيق العيد إنه لا يبعد الحاق ما كان متيسر الحضور عن قرب بالحاضر اهـ

الصفحة 192