كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)
وما فاتكم فأتمَّوا (وفى روايةٍ أخرى) "فقضوا" بدل قوله "فأتمُّوا"
__________
وجاء في رواية عند مسلم "ولكن لميش وعليه السكينة والوقار" قال النووي قيل هما بمعنى وجمع بينهما تأكيدًا والظاهر أن بينهما فرقًا وأن السكينة التأني في الحركات واجتناب العبث ونحو ذلك، والوقار في الهيئة وغض البصر وخفض الصوت والأقبال على طريقة بغير التفات ونحو ذلك والله أعلم اهـ (وقوله فما أدركتم) قال الكرماني الفاء جواب شرط محذوف، أي إذا ثبت لكم ما هو أولى بكم فما أدركتم فصلوا (قال الحافظ) أو التقدير إذا فعلتم فما أدركتم فصلوا، أي فعلتم الذي آمركم به من السكينة وترك الإسراع (1) أي أكملوا الذي سبقكم به الإمام من الصلاة، أي افعلوه بعد سلامه، وفيه دليل للقائلين بأن ما أدركه المأموم مع الإمام هو أول صلاة المأموم، لأن لفظ الإتمام لا يقع إلا على شيء باق من شيء قد تقدم بعضه، وقوله وفي رواية "فاقضوا" قيل هو بمعنى فأتموا، وقيل معناه أن ما ادركه المأموم مع الامام هو آخر صلاة المأموم، وما فاته هو أول صلاته، فيقضي بعد سلام الامام حتى استحبوا له الجهر في الركعتين الأخيرتين وقراءة سورة وترك القنوت محتجين برواية "فاقضوا" قائلين إن القضاء لا يكون إلا للفائت (قال الحافظ) والحاصل أن أكثر الروايات ورد بلفظ فأتموا وأقلها بلفظ فاقضوا، وإنما تظهر فائدة ذلك إذا جعلنا بين القضاء والاتمام مغايرة، لكن إذا كان مخرج الحديث واحد واختلف في لفظة منه وأمكن رد الاختلاف إلى معنى واحد كان أولى وهنا كذلك، لأن القضاء وإن كان يطلق على الفائت غالبًا لكنه يطاق على الأداء أيضًا ويرد بمعنى الفراغ كقوله تعالى [فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا] ويرد بمعان أخر فيحمل قوله فاقضوا على معنى الأداء أو الفراغ فلا يغاير قوله فأتموا، فلا حجة فيه لمن تمسك برواية فاقضوا على أن ما أدركه المأموم هو آخر صلاته حتى يستحب له الجهر في الركعتين الأخيرتين وقراءة السورة وترك القنوت، بل هو أولها وإن كان آخر صلاة إمامه، لأن الآخر لا يكون إلا عن شيء تقدمه؛ وأوضح دليل على ذلك أنه يجب عليه أن يتشهد في آخر صلاته على كل حال، فلو كان ما يدركه مع الامام آخرًا له لما احتاج إلى إعادة التشهد، وقول ابن بطال إنه ما تشهد إلا لأجل السلام لأن السلام يحتاج إلى سبق تشهد ليس بالجواب الناهض على دفع الإيراد المذكور، واستدل ابن المنذر لذلك أيضًا على أنهم أجمعوا على أن تكبيرة الافتتاح لا تكون إلا في الركعة الأولى، وقد عمل بمقتضى اللفظين الجمهور، فأنهم قالوا إن ما أدرك المأموم هو أول صلاته إلا أنه يقضي مثل