كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

__________
لها دون غيرها من الصلوات، وأما قوله عز وجل [إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله] فإن المراد بالسعى فيه مطلق المضي أو القصد والله أعلم (قال النووي رحمه الله) يقال سعيت في كذا أو إلى كذا إذا ذهبت إليه وعملت فيه، ومنه قوله تعالى [وأن ليس للانسان إلا ما سعى] قال العلماء والحكمة في إتيانها بسكينة والنهي عن السعي أن الذاهب إلى صلاة عامد في تحصيلها ومتوصل إليها، فينبغي أن يكون متأدبًا بآدابها وعلى أكمل الأحوال، وهذا معنىى قوله صلى الله عليه وسلم "فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة" (وفي أحاديث الباب) أيضًا دليل للشافعية القائلين بأن ما أدركه المسبوق مع الامام هو أول صلاته وما يأتي به بعد سلام الامام هو آخر صلاته، لقوله في الحديث وما فاتكم فأتموا (قال الحافظ) ولي الدين أبو زرعة العراقي في طرح التثريب، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن عمر وعلي وأبي الدرداء وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد ابن جبير، وحكاه ابن المنذر عن هؤلاء خلا سعيد بن حبير، وقال إنه لا يثبت عن عمرو علي وأبي الدرداء، وحكاه أيضًا عن مكحول وعطاء والزهري والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز واسحاق بن راهويه والمزني، قال ابن المنذر وبه أقول، ورواه البيهقي عن ابن عمرو محمد بن سيرين وأبي قلابة، وهو منصوص مالك في المدونة، فإنه قال فيها "إن ما أدرك فهو أول صلاته إلا أنه يقضي مثل الذي فاته من القراءة بأم القرآن وسورة" قال ابن بطال ورواه ابن نافع عن مالك (وقال سحنون) في العتبية هو الذي لم نعرف خلافه وهو قول مالك أخبرني به غير واحد، وحكاه ابن بطال عن أحمد بن حنل، وحكاه القاضي عياض عن جمهور العلماء والسلف، وحكاه النووي عن جمهور العلماء من السلف والخلف (وذهب آخرون) إلى أن ما أدركه مع الامام هو آخر صلاته وما يأتي به بعد سلام الامام هو أول صلاته، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن مسعود وابن عمر وإبراهيم المخعي وكجاهد وأبي قلابة وعمرو بن دينار والشعبي وابن سيرين وعبيد بن عمير؛ وحكاه ابن المنذر عن مالك وسفيان النوري والشافعي وأحمد (فأما مالك) فهو المشهور في مذهبه كما قال القاضي عبد الوهاب، قال ابن بطال وهو قول أشهب وابن الماجشون، واختاره ابن حبيب وقال الذي يقضي هو أولها لأنه لا يستطيع أن يخالف إمامه فتكون له أولى وللامام ثانية أو ثالثة اهـ (وأما الشافعي) فليس هذا مذهبه وما رأيت أحدًا حكاه عنه إلا أن النووي حكاه في الروضة؛ قال أنه حكى عنه قول غريب أنه يجهر (وما أحمد) فكذلك حكاه عنه الخطابي أيضًا وهو خلاف ما حكاه عنه ابن؟؟ كما تقدم؛ واستدل هؤلاء بقوله في الرواية الأخرى "وما فاتكم فاقضوا" فلما استعمل لفظ القضاء

الصفحة 214