كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

__________
في المأتى به بعد سلام الإمام دل على أنه مؤخر عن محله وأنه أول الصلاة لكنه يقضيه، (وأجاب الجمهور) عنه بجوابين (أحدهما) تضعيف هذه اللفظة (الثاني) أن قوله اقضوا بمعنى أتموا والعرب تستعمل القضاء على غير معنى إعادة ما مضى، قال الله تعالى (فقضاهن سبع سماوات) وقال تعالى [فإذا قضيت الصلاة] وقالوا قضى فلان حق فلان، فيحمل القضاء في هذا الحديث على المعنى جمعًا بين الروايتين (وفي المسألة مذهب ثالث) أنه أول صلاته بالنسبة إلى الأفعال، وآخرها بالنسبة إلى الأقوال، وهي رواية عن مالك: ويوافقه ما نص عليه الشافعي رحمه الله من أنه لو أدرك ركعيتين من رباعية ثم قام للتدارك يقرأ السورة في الركعتين، واخنلف أصحابه في هذا فقال بعضهم هو تفريع على قوله يستحب قراءة السورة في جمبع الركعات، وقال بعضهم هو تفريع على القولين معًا لئلا تخلو صلاته عن السورة وصححه النووي، ويوافقه ما رواه البيهقي عن علي بن أبي طالب أنه قال "ما أدركت مع الإمام فهو أول صلاتك واقض ما سبقك به من القرآن" (وذكر ابن بطال) انه لا خلاف عن مالك في قراءة المسبوق للسورة مع الفاتحة في آخر صلاته، وجعل القول بأن ما أدركه مع الإمام أول صلاته وإذا أتى بما فاته لا يقرأ فيه السورة قولًا آخر غير القولين الأولين، وحكاه المزني وإسحاق وأهل الظاهر، وقال فهؤلاء طردوا قولهم على أصولهم إلا أنه لا سلف لهم فيه فلامعنى له اهـ واقتضى كلامه أن جميع القائلين بأن ما فعله مع الإمام أول صلاته يقولون بقراءة السورة فيما يأتي به بعد سلام الإمام سوى هؤلاء المذكورين والله أعلم أفاده صاحب طرح التثريب (قلت واستدل بأحاديث الباب) بعض أهل الظاهر وابن حزم على أن من أدرك الإمام راكعًا لا تحسب له تلك الركعة لأنه عليه الصلاة والسلام أمره بإتمام ما فاته وقد فاتته الوقفة وقراءة أم القرآن، وحكاه عن أبي هريرة وزيد بن وهب وبه قال ابن خزيمة وأبو بكر الضبي من الشافعية (وخالفهم الجمهور) والأئمة الأربعة فقالوا باعتداد الركعة لمن أدرك الإمام راكعًا قبل أن يقيم صلبه (وذهب الشوكاني) إلى ما ذهب إليه الأولون فقال بعد ترجيح أدلة القائلين بوجوب قراءة الفاتحة وأنها شرط في صحة الصلاة قال: من ههنا يتبين لك ضعف ما ذهب إليه الجمهور أن من أدرك الإمام راكعًا معه واعتد بتلك الركعة وإن لم يدرك شيئًا من القراءة، قال واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة "من أدرك الركوع من الركعة الأخيرة في صلاته يوم الجمعة فليضف إليها ركعة أخرى" رواه الدارقطني من طريق ياسين بن معاذ وهو متروك، وأخرجه الدارقطني بلفظ "إذا أدرك أحدكم الركعتين يوم الجمعة فقد أدرك، وإذا أدرك ركعة فليركع إليها أخرى" ولكنه من طريق سليمان بن داود الحراني ومن طريق صالح بن أبي الأخضر وسليمان متروك

الصفحة 215