كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)
__________
فقال صلى الله عليه وسلم زادك الله حرصًا ولا تعد" ولم يؤمر بإعادة الركعة فليس فيها ما يدل على ما ذهبوا إليه لأنه كما لم يأمره بالإعادة لم ينقل إلينا أنه اعتد بها، والدعاء له بالحرص لا يستلزم الاعتداد بها لأن الكون مع الإمام مأمور به سواء كان الشيء الذي يدركه المؤتم معتمدًا به أم لا كما في حديث "إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدّوها شيئًا" أخرجه أبو داود وغيره؛ على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أبا بكرة عن العود إلى مثل ذلك، والاحتجاج بشيء قد نهى عنه لا يصح، وقد أجاب ابن حزم في المحلى عن حديث أبي بكرة فقال إنه لا حجة لهم فيه لأنه ليس فيه اجتزاء بتلك الركعة؛ ثم استدل على ما ذهب إليه من أنه لا بد في الاعتداد بالركعة من إدراك القيام والقراءة بحديث "ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" ثم حزم بأنه لا فرق بين فوت الركعة والركن والذكر المفروض لأن الكل فرض لا تتم الصلاة إلا به، قال فهو مأمور بقضاء ما سبقه به الإمام وإتمامه، فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك بغير نص آخر ولا سبيل إلى وجوده، قال وقد أقدم بعضهم على دعوى الإجماع على ذلك وهو كاذب في ذلك، لأنه قد روى عن أبي هريرة أنه لا يعتد بالركعة حتى يقرأ أم القرآن، وروى القضاء أيضًا عن زيد بن وهب ثم قال (فإن قيل) أنه يكبر قائمًا ثم يركع فقد صار مدركًا للوقفة (قلنا) وهذه معصية أخرى، وما أمر الله تعالى قط ولا رسوله أن يدخل في الصلاة من غير الحال التي يجد الإمام عليها، وأيضًا لا يجزئ قضاء شيء يسبق به من الصلاة إلا بعد سلام الإمام لا قبل ذلك، وقال أيضًا في الجواب عن استدلالهم بحديث "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة" أنه حجة عليهم لأنه مع ذلك لا يسقط عنه قضاء ما لم يدرك من الصلاة اهـ (والحاصل) أن أنهض ما احتج به الجمهور في المقام حديث أبي هريرة حينئذ باللفظ الذي ذكره ابن خزيمة لقوله فيه قبل أن يقيم صلبه كما تقدم، وقد عرفت أن ذكر الركعة فيه مناف لمطلوبهم وابن خزيمة الذي عولوا عليه في هذه الرواية من القائلين بالمذهب الثاني كما عرفت، ومن البعيد أن يكون هذا الحديث عنده صحيحًا ويذهب إلى خلافه (قال) ومن الأدلة على ما ذهبنا إليه في هذه المسءلة حديث أبي قتادة وأبي هريرة عليهما بلفظ "ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" قال الحافظ في الفتح قد استدل بهما على أن من أدرك الإمام راكعًا لم يحتسب له تلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته لأنه فاته القيام والقراءة فيه؛ ثم قال وحجة الجمهور وحديث أبي بكرة، وقد عرفت الجواب عن احتجاجهم به، وقد ألف السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير رسالة في هذه المسئلة ورجح مذهب الجمهور وقد كتبت أبحاثًا في الجواب عليها اهـ (وحكى الحافظ أبو زرعة العراقي) عن النووي أنه قال فيما ذهب إليه الظاهرية وابن حزم وغيرهم إنه شاذ منكر